وأمّا النصوص المتضمنة للبناء على الأقل مطلقا (١) فغير مكافئة لما مرّ من الأدلة من وجوه عديدة وإن تضمنت الصحيح والموثق وغير هما ، سيّما مع قوة احتمال ورودها مورد التقية كما صرّح به جماعة (٢) ، مع عدم صراحتها في الدلالة :
فإنّ غاية ما تضمنه الأوّلان هو البناء على اليقين ، وهو كما يحتمل البناء على الأقل كذا يحتمل البناء على الأكثر ، بل لعلّ هذا أظهر كما يستفاد من الخبر المروي عن قرب الإسناد وفيه : رجل صلّى ركعتين وشك في الثالثة ، قال : « يبني على اليقين ، فإذا فرغ تشهد وقام وصلّى ركعة بفاتحة القرآن » (٣) فتدبر.
ووجه اليقين حينئذ ما أشار إليه جمع ومنهم المرتضى رحمهالله في الانتصار حيث قال في توجيه مذهب الأصحاب زيادة على الإجماع : ولأن الاحتياط أيضا فيه ؛ لأنه إذا بنى على النقصان لم يأمن أن يكون قد صلّى على الحقيقة الأزيد ، فيكون ما أتى به زيادة في صلاته.
ثمَّ قال : فإذا قيل : وإذا بنى على الأكثر كان كما تقولون لا يأمن أن يكون إنما فعل الأقل فلا ينفع ما فعله من الجبران ، لأنه منفصل من الصلاة وبعد التسليم. قلنا : ما ذهبنا إليه أحوط على كل حال ؛ لأن الإشفاق من الزيادة في الصلاة لا يجري مجرى الإشفاق من تقديم السلام في غير موضعه (٤).
وقريب منه كلام الفاضلين في المعتبر والمنتهى (٥) ، وكلاهما ـ كغيرهما ـ
__________________
(١) الوسائل ٨ : ١٨٧ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١
(٢) منهم صاحب الحدائق ٩ : ٢١٤.
(٣) فرب الإسناد : ٣٠ / ٩٩ ، الوسائل ٨ : ٢١٥ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٩ ح ٢.
(٤) الانتصار : ٤٩.
(٥) المعتبر ٢ : ٣٩١ ، المنتهى ١ : ٤١٥.