كالصريح بل صريح في أنّ البناء على اليقين إنما يحصل بالبناء على الأكثر لا الأقل.
ومن هنا ينقدح فساد نسبة جماعة (١) القول بالبناء على الأقل إلى المرتضى رحمهالله في الناصرية ، لقوله فيها : إنّ من شك في الأخيرتين يبني على اليقين ، قائلا : إنّ هذا مذهبنا ، وهو الصحيح عندنا ، وباقي الفقهاء يخالفون في ذلك (٢). وفي قوله « هذا » إشارة أخرى إلى ما ذكرنا أيضا كما لا يخفى ، فتأمل.
وأما غيرهما فهو وإن تضمّن لفظ البناء على النقص لكنه مطلق بالنسبة إلى وقت البناء ، فيحتمل كونه بعد السلام والخروج عن الصلاة ، كما وجّه به الحلّي كلام المرتضى ، زعما منه كون البناء في كلامه رحمهالله هو البناء على الأقل ، قال في جملة كلام له : فقبل سلامه يبني على الأكثر ، لأجل التسليم ، وبعده يبني على الأقل كأنه ما صلّى إلاّ ما تيقنه ، وما شك فيه يأتي به ليقطع على براءة ذمته (٣).
وبالجملة : فمعارضة هذه النصوص لما قدّمنا غير معلومة ، وعلى تقديرها فهي لها غير مكافئة ، لما عرفته. فلا وجه للقول بها ، كما لا وجه لنسبته إلى المرتضى رحمهالله.
وأضعف منهما حملها على التخيير ، جمعا بينها وبين ما مضى ؛ لفقد التكافؤ أوّلا ، وعدم شاهد على الجمع ثانيا ، مع ندرة القائل به ، إذ لم يحك إلاّ عن الصدوق (٤) وقد مرّ دعواه الإجماع على البناء على الأكثر.
__________________
(١) منهم : صاحب المدارك ٤ : ٢٥٦ ، والحدائق ٩ : ٢١٠ ، والمحقق السبزواري في الذخيرة : ٣٧٦
(٢) الناصريات ( الجوامع الفقهية ) : ٢٠١.
(٣) السرائر ١ : ٢٥٦.
(٤) المقنع : ٣١.