غالب صور مفهوم العبارة هو البعد الذي لم يخرج به عن العادة ، فيحمل عليه ، ولعلّه لذا لم ينقل عنه في المختلف الخلاف في المسألة ، وإنما نقل في مقابلة المشهور القول بما لا يتخطى والثلاثمائة خاصة ، مشعرا بأنهما المخالفان في المسألة.
وفي الصحة مع عدم البعد الكثير العرفي وإن كان بما لا يتخطى إلى الإطلاق الذي مضى ، المعتضد بالأصل والشهرة العظيمة بين أصحابنا بحيث كاد أن يكون إجماعا ، بل على جواز البعد بنحو من الطريق والنهر الإجماع في الخلاف صريحا (١) ، والغالب في البعد بهما كونه بما لا يتخطى.
ومنه يظهر جواز الاستناد إلى الموثق الذي مضى في جواز ائتمام المرأة خلف الرجل وإن كان المسافة بينهما حائطا أو طريقا.
خلافا للحلبي (٢) وابن زهرة (٣) ، فمنعا عن البعد بما لا يتخطى ؛ للصحيح الذي مضى المصرّح بأنه لا صلاة لمن بينه وبين الإمام أو الصف المتقدم عليه هذا (٤).
وهو محمول على الفضيلة جمعا والتفاتا إلى ما في ذيله من قوله : « وينبغي أن يكون الصفوف تامة متواصلة بعضها إلى بعض لا يكون بين الصفين ما لا يتخطى » وهو ظاهر في الاستحباب ، أظهر من ظهور : « لا صلاة » في الفساد ، سيّما مع درج تواصل الصفوف وتماميتها معه في حيّز : « ينبغي » فإنه بالنسبة إليه للاستحباب قطعا ، فكذا بالنسبة إلى مصحوبه المفسّر له ظاهرا.
__________________
(١) الخلاف ١ : ٢١٥.
(٢) في « م » : الحلي.
(٣) الحلبي في الكافي : ١٤٤ ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٠.
(٤) راجع ص ٢٠٧.