وحيث وقع التعارض بين هذين الجمعين ولا مرجح لأحدهما في البين تعيّن التخيير بين الأمرين ، مع تأيده ـ زيادة على ما قدّمناه ـ بأنه لا معنى لتضيق وجوب أحدهما بمجرد معارضته للآخر مع كونه في أصل الشرع موسّعا.
وبالجملة : لا ريب في التخيير وإن كان تقديم الحاضرة أولى ؛ لأهميتها في نظر الشارع ، مع كثرة ما يدل على لزوم تقديمها نصا وفتوى.
( ما لم يتضيق ) وقت ( الحاضرة فيتعين للأداء ) إجماعا كما في المنتهى والمدارك والذخيرة وغيرها (١) ؛ للنصوص المتقدمة الدالة عليه بظاهرها بل بصريحها ؛ مع استلزام تقديم الكسوف حينئذ الإخلال بالواجب لا لضرورة.
ومنه يظهر الحكم بوجوب تقديم الكسوف لو انعكس الفرض بأن تضيّق وقتها واتسع الحاضرة ، وعليه الإجماع في الكتابين الأخيرين أيضا.
وإن تضيّق وقتهما معا قدّمت الحاضرة إجماعا كما في التنقيح (٢) ، ونفى عنه الخلاف في الذكرى (٣) ، ووجهه ظاهر ممّا قدّمنا.
وحيث قدّمها وجب عليه قضاء الكسوف إن فرّط في فعلها ، وإلاّ فلا مطلقا وإن فرّط في الحاضرة ، على قول (٤) مستند إلى أن تأخيرها كان مباحا إلى ذلك الوقت ، ثمَّ تعين عليه الفعل بسبب التضيق واقتضى ذلك الفوات ، وهو بالنظر إلى هذه الحال غير متمكن من فعل الكسوف ، فلا يجب الأداء لعدم التمكن ، ولا القضاء لعدم الاستقرار.
وقيل : يجب القضاء مع التفريط فيها ؛ لاستناد إهمالها إلى ما تقدّم من
__________________
( نقله عنهما في المختلف : ١١٧ ).
(١) المنتهى ١ : ٣٥٣ ، المدارك ٤ : ١٤٤ ، الذخيرة : ٣٢٦ ؛ وانظر الحدائق ١٠ : ٣٤٥.
(٢) التنقيح الرائع ١ : ٢٤٤.
(٣) الذكرى : ٢٤٦.
(٤) انظر المعتبر ٢ : ٣٤١ ، والذخيرة : ٣٢٧.