الخلاف.
ويعضده أيضا أنّ أحدا من الأصحاب المتأخرين من الفاضلين لم ينقل الخلاف عنهما مع تصريح جملة منهم بالحكم كما ذكرنا ، كالفاضل نفسه في التذكرة والمنتهى والنهاية من غير نقل خلاف أصلا. وصاحب الذخيرة (١) مع استشكاله فيه بما قدمناه في بحث الشروط لم ينسب الخلاف إلى أحد أصلا ، بل نسب الحكم المزبور إلى الشيخ ومن تبعه جملة ، مشعرا بكونه بينهم إجماعيا ، وقد صرّح بعدم الخلاف فيه في الكفاية (٢).
وبالجملة : لم أر مخالفا فيه بالكلية ، والظاهر عدمه كما يفهم من عبائر المتعرضين للحكم في المسألة.
نعم ، ربما يفهم من عبارة القواعد المخالفة ، فإنه قال : لو صلّى الإمام في محراب داخل صحّت صلاة من يشاهده من الصفّ الأول خاصة ، وتصح صلاة الصفوف الباقية أجمع لأنهم يشاهدون من يشاهده (٣). انتهى.
وذلك فإن فرض المشاهدة في الصف الأول يقتضي كون المراد به الصف المتأخر عن الإمام ، بناء على أن المحراب لا يسع غير الإمام ولا يكون مخروما غالبا ، فلا يمكن فرض مشاهد له في صفه.
لكن يمكن الذب عنه بحمله على غيره ، والتعرض لحكم الفرض النادر في كلام الفقيه غير عزيز ، ألا ترى إلى الذكرى قد تعرّض له ، فقال : ولو ولجها ـ أي المقصورة ـ الإمام وشاهده الجناحان أو انتهت مشاهدتهما إلى من يشاهده صحّ الائتمام ، وإلاّ فلا ، وأما الذين يقابلون الإمام فصلاتهم صحيحة ، لانتهاء
__________________
(١) الذخيرة : ٣٩٣.
(٢) الكفاية : ٣١.
(٣) القواعد ١ : ٤٦.