وعلى هذا فينحصر الدليل على ثبوت التخيير في الأربعة إذا أراد الرجوع لغير يومه في الرضوي وإجماع الأمالي ، ولعلّهما كافيان في إثباته فيها ، سيّما مع اعتضادهما بفتوى أعيان القدماء.
وحيث قد عرفت قوة احتمال انصراف إطلاقهما كغيرهما إلى الأربعة مع الإياب ظهر لك عدم نهوضهما بإثبات التخيير فيها من غير إياب ، فيتحتم فيها التمام ، سيّما وفي بعض عبارة الرضوي ممّا لم ننقله ما يدلّ عليه ، وهو قوله عليهالسلام بعد الحكم بوجوب التقصير في الأربعة مع إرادة الرجوع ليومه : « وإن عزمت على المقام وكان سفرك بريدا واحدا ثمَّ تجدّد لك فيه الرجوع من يومك فلا تقصّر » إلى أن قال : « وإن سافرت إلى موضع بمقدار أربعة فراسخ » إلى آخر ما مرّ (١).
وهو صريح في اعتبار الإياب في ثبوت أصل التقصير في الأربعة وجوبا إن وقع ليومه ، وجوازا إن وقع في غيره ، وأن مع عدمه أو تخلّل القاطع لا يجوز التقصير.
وهو يقوّي ما قدّمناه من تخصيص عبائر القدماء بصورة إرادة الرجوع ، لإبقائها على إطلاقها ؛ لأن الظاهر أنه المستند لهم في التخيير ، وإن استند الشيخ له بالجمع بين النصوص ، ويبعد عملهم به فيما عدا هذا الحكم الذي تضمنه.
وكيف كان ، فيتحصّل ممّا ذكرنا : عدم جواز القصر في الأربعة من غير إياب ، وجوازه معه لغير يومه ، ووجوبه معه ليومه ، كما تضمّن جميع ذلك الرضوي ، وعلى جملة منه إجماع الأمالي.
( ولو أتم المقصّر ) المتحتم عليه التقصير عالما بوجوبه ( عامدا أعاد )
__________________
(١) في ص ٣٣٨.