قوله : «قانتين» حال من فاعل «قوموا» ، و «لله» يجوز أن تتعلّق اللام ب «قوموا» ، ويجوز أن تتعلّق ب «قانتين» ، ويدلّ للثاني قوله تعالى : (كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ) [البقرة : ٨٦]. ومعنى اللام التعليل.
فصل
قال أبو عمرو : أجمع المسلمون على أنّ الكلام ، عامدا في الصلاة ، إذا كان المسلم يعلم أنّه في صلاة ، ولم يكن ذلك في إصلاح صلاته أنّه يفسد الصلاة ، إلّا ما روي عن الأوزاعي أنّه قال إن تكلم في الصّلاة لإحياء نفس ، ونحوه من الأمور الجسام ، لم يفسد ذلك صلاته.
واختلفوا في كلام السّاهي ، فقيل : لا يفسد الصلاة.
وقيل : يفسدها.
وقال مالك : إذا تكلم عامدا لمصلحة الصّلاة ، لم تفسد ، وهو مذهب أحمد.
قوله تعالى : (فَإِنْ خِفْتُمْ).
قال الواحديّ (١) : معنى الآية : فإن خفتم عدوّا ، فحذف المفعول لإحاطة العلم به.
وقال الزمخشريّ : «فإن كان لكم خوف من عدوّ ، أو غيره» فهو أصحّ ؛ لأن هذا الحكم ثابت عند حصول الخوف ، سواء كان الخوف من عدوّ ، أو غيره.
وقيل : المعنى : فإن خفتم فوات الوقت ، إذا أخّرتم الصلاة إلى أن تفرغوا من حربكم ، فصلّوا رجالا ، أو ركبانا ، وعلى هذا التقدير الآية تدلّ على تأكيد فرض الوقت ؛ حتى يترخّص لأجل المحافظة عليه في ترك القيام ، والركوع ، والسجود.
قوله تعالى : «فرجالا» : منصوب على الحال ، والعامل فيه محذوف ، تقديره : «فصلّوا رجالا ، أو فحافظوا عليها رجالا» وهذا أولى ؛ لأنه من لفظ الأول.
و «رجال» جمع راجل ؛ مثل قيام وقائم ، وتجار وتاجر ، وصحاب وصاحب ، يقال منه: رجل يرجل رجلا ، فهو راجل ، ورجل بوزن عضد ، وهي لغة الحجاز. يقولون : رجل فلان ، فهو رجل ، ويقال : رجلان ورجيل ؛ قال الشاعر : [الطويل]
١١٤٨ ـ عليّ إذا لاقيت ليلى بخفية |
|
أن ازدار بيت الله رجلان حافيا (٢) |
__________________
(١) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٦ / ١٣١.
(٢) ينظر البيت في اللسان (رجل) ، الدر المصون ١ / ٥٨٩ ونسب لبعض بني عقيل في الطبري ٢ / ٥٨٧ وروايته :
علي إذا أبصرت ليلى بخلوة |
|
أن ازدار بيت الله رجلان حافيا |
وينسب إلى المجنون برواية :
علي إذا ما زرت ليلى بخفية |
|
زيارة بيت الله رجلان حافيا |
ـ ينظر : ديوانه (٢٣٣) وينظر : مغني اللبيب ٢ / ٢٦١ ، شرح شواهد المغني ٢ / ٨٥٩ ، شرح الأشموني ١ / ٢٥٤ ، وأوضح المسالك ٢ / ٣٣٥ ، البحر المحيط ٢ / ٢٥٢.