١٢٥٤ ـ ... لا أنا باغيا |
|
.......... (١) |
في أحد الوجهين.
والمراد القيام يوم القيامة أو من القبور.
قوله : (إِلَّا كَما يَقُومُ) فيه الوجهان المشهوران وهما :
النصب على النعت ؛ لمصدر محذوف ، أي : لا يقومون إلا قياما مثل قيام الذي يتخبطه الشيطان ، وهو المشهور عند المعربين.
أو النصب على الحال من ضمير ذلك المصدر المقدّر ، أي : لا يقومونه ، أي : القيام إلّا مشبها قيام الذي يتخبطه الشيطان ، وهو رأي سيبويه (٢) ، وقد قدّمت تحقيقهما.
و «ما» الظاهر أنها مصدرية ، أي : كقيام. وجوّز بعضهم أن تكون بمعنى الذي ، والعائد محذوف ، والتقدير : إلا كالقيام الذي يقومه الذي يتخبّطه الشّيطان ، وهو بعيد.
و «يتخبّطه» يتفعّله ، وهو بمعنى المجرد أي يخبطه ؛ فهو مثل : تعدّى الشيء وعداه فو تفعّل بمعنى فعل ، نحو تقسّمه : بمعنى قسمه ، وتقطّعه : بمعنى قطعه. ومعنى ذلك مأخوذ من خبط البعير بأخفافه : إذا ضرب بها الأرض. ويقال : فلان يخبط خبط عشواء ؛ قال علقمة : [الطويل]
١٢٥٥ ـ وفي كلّ حيّ قد خبطت بنعمة |
|
فحقّ لشأس من نداك ذنوب (٣) |
وقال زهير : [الطويل]
١٢٥٦ ـ رأيت المنايا خبط عشواء من تصب |
|
تمته ومن تخطئ يعمّر فيهرم (٤) |
والتخبط معناه : الضّرب على غير استواء ، ويقال للرجل الذي يتصرف في أمر ولا يهتدي فيه ، إنه يخبط خبط عشواء ، وخبط البعير الأرض بأخفافه ، وتخبطه الشيطان ، إذا مسّه بخبل ، أو جنون ؛ لأنه كالضّرب على غير استواء في الإدهاش.
قوله : «من المسّ» فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه متعلق بيتخبّطه من جهة الجنون ، فيكون في موضع نصب ، قاله أبو البقاء(٥).
__________________
(١) تقدم برقم (٤٢٠).
(٢) ينظر : الكتاب لسيبويه ١ / ١١٦.
(٣) البيت لعلقمة الفحل ينظر ديوانه ص ٤٨ ، والكتاب ٤ / ٤٧١ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٤٠٠ ، وشرح المفصل ٥ / ٤٨ ، ١٠ / ١٥١ ، ولسان العرب (جنب) ، (شأس) ، (خبط) ، ومجالس ثعلب ص ٩٧ ، وسر صناعة الإعراب ص ٢١٩ ، والممتع في التصريف ص ٣٦١ ، والمنصف ٢ / ٣٣٢.
(٤) ينظر ديوانه (٢٩) الشنقيطي (٨٦) الدر المصون ١ / ٦٦١.
(٥) ينظر : الإملاء لأبي البقاء ١ / ١١٦.