وأمّا إن كان السقي يضرّ بالأصول ، فإن استغنت الثمرة عنه ، منع صاحب الثمرة منه.
وإن استضرّت الثمرة بتركه ، أو كان المشتري يريد سقي الأصول ، لحاجتها إليه وكان ذلك يضرّ بالثمرة ، قال بعض الشافعيّة : إن رضي أحدهما بإدخال الضرر عليه ، أقرّ العقد بينهما. وإن لم يرض واحد منهما ، فسخ العقد ، لتعذّر إمضائه إلاّ بضرر أحدهما (١).
وقال بعضهم : أيّهما احتاج إلى السقي ، أجبر الآخر عليه وإن أضرّ به ، لأنّه دخل معه في العقد على ذلك ، لأنّ مشتري الأصول اقتضى عقده تبقية الثمرة ، والسقي من تبقيتها ، والبائع اقتضى العقد في حقّه تمكين المشتري من حفظها وتسلّمها ، ويلزم كلّ واحد منهما ما أوجبه العقد للآخر وإن أضرّ به (٢).
إذا تقرّر هذا ، فإنّما له أن يسقي القدر الذي له فيه صلاحه ، فإن اختلفا في ذلك ، رجع إلى أهل الخبرة ، فما احتاج إليه أجبر عليه ، وأيّهما طلب السقي ، فالمئونة عليه ، لأنّه لحاجته.
تذنيب : لو كانت الثمرة مؤبّرة ، فهي للبائع. فإن عطشت وتعذّر سقيها فطالبه المشتري بقطعها ، لتضرّر الأصول ببقائها عليها ، فإن كان الضرر يسيرا ، لم يلزمه القطع. وان كان كثيراً يخاف من جفاف النخل أو نقصان حملها ، أجبر المشتري على تركه ـ وهو أحد قولي الشافعي (٣) ـ لأنّه
__________________
(١ و ٢) التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٣٧١ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٨٧ ـ ٢٨٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٤٥.
(٣) المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٨٧ ، حلية العلماء ٤ : ٢١٠ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٣٧١ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٧٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٤٤.