مسألة ٨٠ : اللحوم أجناس مختلفة باختلاف أصولها ، فلحم الغنم ضأنه وما عزه جنس واحد ، ولحم البقر جاموسها وعرابها جنس واحد مغاير للأوّل ، ولحم الإبل عرابها وبخاتيّها جنس آخر مغاير للأوّلين ، وكذا باقي اللحوم ، عند علمائنا أجمع ـ وهو أصحّ قولي الشافعي ، وبه قال المزني وأبو حنيفة وأحمد في رواية (١) ـ لأنّها فروع أصول مختلفة هي أجناس متعدّدة ، وكانت أجناسا كاصولها ، كما في الأدقّة والخلول. ولأنّها متفاوتة في المنافع ومتخالفة في الأغراض والغايات ، فأشبهت المختلفات جنسا.
وللشافعي قول آخر : إنّها جنس واحد ، فلحم البقر والغنم والإبل والسموك والطيور والوحوش كلّها جنس واحد ـ وهو رواية عن أحمد أيضا ـ لأنّها اشتركت في الاسم في حال حدوث الربا فيها الذي لا يقع بعده التمييز إلاّ بالإضافة ، فكانت جنسا واحدا ، كأنواع الرطب والعنب ، وتخالف الثمار المختلفة بالحقيقة ، فإنّها وإن اشتركت في اسم الثمرة لكنّها امتازت بأساميها الخاصّة (٢).
والجواب : المنع من الاشتراك في الاسم الخاصّ ، وليس إطلاق لفظ اللحم عليها إلاّ كإطلاق الحيوان والجسم عليها.
وقال مالك : اللّحمان (٣) ثلاثة أصناف : الإنسي والوحشي صنف واحد ،
__________________
(١) المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٧٩ ، حلية العلماء ٤ : ١٦١ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٥٤ ، التنبيه في الفقه الشافعي : ٩١ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٩ ، الوسيط ٣ : ٥٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٥ ، المغني والشرح الكبير ٤ : ١٥٥.
(٢) المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٧٩ ، حلية العلماء ٤ : ١٦١ ـ ١٦٢ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٥٤ ، التنبيه في الفقه الشافعي : ٩١ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٩ ، الوسيط ٣ : ٥٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٥ ، المغني ٤ : ١٥٥ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٤.
(٣) اللحمان : جمع لحم. لسان العرب ١٢ : ٥٣٥ « لحم ».