والجواب : الخاصّ مقدّم على العامّ.
وقال مالك : يجوز في موضع مخصوص ، وهو أن يكون قد وهب لرجل ثمرة نخلة ثمّ شقّ عليه دخوله إلى قراحه ، فيشتريها منه بخرصها من التمر يعجّله له ، لأنّ العريّة في اللغة هي : الهبة والعطيّة (١).
وقال أحمد في إحدى الروايتين : يخرص الرطب في رءوس النخل ويبيعه بمثله تمرا (٢).
إذا تقرّر هذا ، فإنّ العريّة عندنا إنّما تكون في النخلة الواحدة تكون في دار الإنسان ، فلا تجوز فيما زاد على النخلة الواحدة ، عملا بالعموم ، واقتصارا في الرخص على مواردها.
مسألة ١٨٩ : وهذه الرخصة عامّة للغني والفقير ـ وبه قال الشافعي في الأمّ (٣) ـ لعموم اللفظ. ولأنّ كلّ بيع جاز للفقير جاز للغني ، كسائر البياعات.
وقال في الإملاء واختلاف الحديث : لا يجوز بيع العرايا إلاّ للفقير خاصّة ـ وبه قال أحمد ـ لأنّ محمود بن لبيد قال : قلت لزيد بن ثابت : ما عراياكم هذه؟ فسمّى رجالا محتاجين من الأنصار شكوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّ الرطب يأتي ولا نقد بأيديهم يتبايعون به رطبا يأكلونه مع الناس ، وعندهم فضول من قوتهم من التمر ، فرخّص أن يبتاعوا العرايا بخرصها من
__________________
(١) بداية المجتهد ٢ : ٢١٦ ـ ٢١٧ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ٣١٥ ، حلية العلماء ٤ : ١٧٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٦ ، المغني ٤ : ١٩٨ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٨.
(٢) المغني ٤ : ١٩٦ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٦.
(٣) الامّ ٣ : ٥٦ ، وكما في الحاوي الكبير ٥ : ٢١٨.