لأنّه مبيع متعيّن لا يحتاج إلى حقّ يوفّيه ، فأشبه الثوب الحاضر. وهو رواية عن أحمد (١).
وله أخرى : المنع ، لقول ابن عمر : كنّا نشتري الطعام من الركبان جزافا فنهانا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى ننقله من مكانه (٢) (٣).
ح ـ منع المجوّزون الغشّ بأن يجعلها على دكّة أو حجر ينقصها أو يجعل الرديء أو المبلول في باطنها ، لأنّه عليهالسلام مرّ على صبرة من طعام فأدخل يده فنالت أصابعه بللا ، فقال : « يا صاحب الطعام ما هذا؟ » فقال : أصابته السماء يا رسول الله ، قال : « أفلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس؟ » ثمّ قال : « من غشّنا فليس منّا » (٤).
فإن وجده كذلك ، فللشافعيّة (٥) طريقان :
أحدهما : أنّ فيها قولي بيع الغائب ، لأنّ ارتفاع الأرض وانخفاضها يمنع تخمين القدر ، وإذا لم يفد العيان إحاطة ، فكان كعدم العيان في احتمال الغرر.
والثاني : القطع بالبطلان ، لأنّا إذا صحّحنا بيع الغائب أثبتنا خيار الرؤية ، والرؤية حاصلة هنا ، فيبعد إثبات الخيار معها ، ولا سبيل إلى نفيه ، للجهالة.
واعترض بأنّ الصفة والقدر مجهولان في بيع الغائب ، ومع ذلك ففيه
__________________
(١) بداية المجتهد ٢ : ١٤٦ ـ ١٤٧ ، المغني ٤ : ٢٤٦.
(٢) سنن البيهقي ٥ : ٣١٤.
(٣) المغني ٤ : ٢٤٧.
(٤) المغني ٤ : ٢٤٦ ، وانظر : صحيح مسلم ١ : ٩٩ ، ١٠٢ ، وسنن الترمذي ٣ : ٦٠٦ ، ١٣١٥.
(٥) في « ق ، ك » للشافعيّة.