وأبو حنيفة (١) ـ لما رواه الجمهور أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم استعمل رجلا على خيبر فجاءه بتمر جنيب ، فقال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أكلّ تمر خيبر هكذا؟ » فقال : لا والله يا رسول الله إنّا لنأخذ الصاع بالصاعين والصاعين بالثلاثة ، فقال : « لا تفعل ، بع الجمع بالدراهم وابتع بالدراهم جنيبا » (٢). والجنيب : أجود التمر. والجمع : كلّ لون من التمر لا يعرف له اسم.
ومن طريق الخاصّة : ما رواه إسماعيل بن جابر عن الباقر عليهالسلام ، قال : سألته عن رجل يجيء إلى صيرفيّ ومعه دراهم يطلب أجود منها ، فيقاوله على دراهم تزيد كذا وكذا بشيء قد تراضيا عليه ، ثمّ يعطيه بعد بدراهمه دنانير ، ثمّ يبيعه الدنانير بتلك الدراهم على ما تقاولا عليه أوّل مرّة ، قال : « أليس ذلك برضا منهما معا؟ » قلت : بلى ، قال : « لا بأس » (٣).
وقال مالك : إن فعل ذلك مرّة واحدة ، جاز. وإن تكرّر ، لم يجز ، لأنّ ذلك يضارع الربا ويؤدّي إليه (٤).
وهو ممنوع ، لأنّه باع الجنس بغيره نقدا فجاز ، كما لو كان مرّة. ولو كان ذلك ربا ، كان حراما مرّة وأكثر.
مسألة ٢١٩ : إذا باع الصحاح أو الأكثر وزنا بالذهب وتقابضا ثمّ اشترى بالذهب المكسّرة أو الأقلّ وزنا ، صحّ البيع عندنا ، لعموم قوله عليهالسلام : « إذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم » (٥) سواء تفرّقا بعد التقابض قبل العقد
__________________
(١) التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٣٦١ ، حلية العلماء ٤ : ١٨٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٨.
(٢) صحيح البخاري ٣ : ١٠٢ و ١٢٩ ، و ٥ : ١٧٨ ـ ١٧٩ ، صحيح مسلم ٣ : ١٢١٥ ، ٩٥ ، سنن النسائي ٧ : ٢٧١ ـ ٢٧٢ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٩١.
(٣) التهذيب ٧ : ١٠٦ ، ٤٥٥.
(٤) حلية العلماء ٤ : ١٨٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٨ ، المغني ٤ : ١٩٣.
(٥) الجامع لأحكام القرآن ١٠ : ٨٦.