من تمسك بعض اهل الكتاب فى مناظرة بعض الفضلاء السادة باستصحاب شرعه مما لا وجه له.
ثم انه يمكن الجواب عن الاستصحاب المذكور بوجوه ، الاول ان المقصود من التمسك به ان كان الاقتناع به (١) فى العمل عند الشك فهو مع مخالفته للمحكى عنه من قوله فعليكم كذا وكذا فانه ظاهر فى ان غرضه الاسكات والالزام فاسد جدا لان العمل به على تقدير تسليم جوازه غير جائز الا بعد الفحص والبحث وحينئذ يحصل العلم باحد الطرفين بناء على ما ثبت من انفتاح باب العلم فى مثل هذه المسألة كما يدل عليه النص الدال على تعذيب الكفار والاجماع المدعى على عدم معذورية الجاهل خصوصا فى هذه المسألة خصوصا من مثل هذا الشخص الناشى فى بلاد الاسلام وكيف كان فلا يبقى مجال للتمسك بالاستصحاب ، وان اراد به الاسكات (٢) والالزام ففيه ان الاستصحاب ليس دليلا اسكاتيا لانه فرع الشك وهو امر وجدانى كالقطع لا يلتزم به احد وان اراد بيان ان مدعى ارتفاع الشريعة السابقة ونسخها محتاج الى الاستدلال فهو غلط لان مدعى البقاء فى مثل المسألة ايضا يحتاج الى الاستدلال عليه.
الثانى ان اعتبار الاستصحاب ان كان من باب الاخبار فلا ينفع الكتابى التمسك به لان ثبوته فى شرعنا مانع عن استصحاب النبوة وثبوته فى شرعهم غير معلوم ، نعم لو ثبت ذلك من شريعتهم امكن التمسك به لصيرورته حكما إلهيا غير
__________________
١ ـ الدليل كما قيل منه اقناعى ومنه اسكاتى والاول ما يستدل به المستدل لاثبات عمل نفسه وان لم يكن بعض مقدماته مسلمة عند الخصم والثانى ما اشتمل على مسلمات الخصم (ق)
٢ ـ نظرا الى اعتراف المسلمين بحجية الاستصحاب فى شرعهم ، وحاصل الجواب ان الاسكات انما يتأتى مع اعتراف المسلمين بالشك وليس كذلك لانهم يدعون القطع بنسخ تلك الشريعة (ق)