وقد يتمسك لاثبات صحة العبادة عند الشك فى طرو المانع بقوله تعالى (وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ) فان حرمة الابطال ايجاب للمضى فيها وهو مستلزم لصحتها ولو بالاجماع المركب او عدم القول بالتفكيك بينهما فى غير الصوم والحج وقد استدل بهذه الآية غير واحد تبعا للشيخ قده وهو لا يخلو عن نظر يتوقف على بيان ما يحتمله الآية الشريفة من المعانى.
فنقول ان حقيقة الابطال بمقتضى وضع باب الافعال احداث البطلان فى العمل الصحيح وجعله باطلا نظير قولك اقمت زيدا او اجلسته او اغنيته والآية بهذا المعنى راجعة الى النهى عن جعل العمل لغوا لا يترتب عليه اثر كالمعدوم بعد ان لم يكن كذلك فالابطال هنا نظير الابطال فى قوله تعالى (لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى) بناء على ان النهى عن تعقيبها بهما بشهادة قوله تعالى (ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذىً) الآية.
الثانى ان يراد به ايجاد العمل على وجه باطل من قبيل قوله ضيق فم الركية (١) يعنى احدثه ضيقا لا احدث فيه الضيق بعد السعة والآية بهذا المعنى نهى عن اتيان الاعمال مقارنة للوجوه المانعة عن صحتها او فاقدة للامور المقتضية للصحة والنهى على هذين الوجهين ظاهره الارشاد اذ لا يترتب على احداث البطلان فى العمل او ايجاده باطلا عدى فوت مصلحة العمل الصحيح.
الثالث ان يراد من ابطال العمل قطعه ورفع اليد عنه كقطع الصلاة والصوم والحج وقد اشتهر التمسك بحرمة قطع العمل بها ويمكن ارجاع هذا الى المعنى الاول بان يراد من الاعمال ما يعم الجزء المتقدم من العمل لانه ايضا عمل لغة وقد وجد على وجه قابل لترتب الاثر وصيرورته جزءا فعليا للمركب فلا يجوز جعله باطلا ساقطا (٢) عن قابلية كونه جزءا فعليا فجعل هذا المعنى مغايرا للاول مبنى
__________________
١ ـ هى كعطية البئر ، ونحوها استعمال المجمل والمبين (ق)
٢ ـ بمعنى اسقاطه عن الصحة الفعلية بايجاد المانع لا الصحة التأهلية التى قال بعدم زوالها ابد الدهر (شرح)