فى الفروع حيث يذكرون فى اركان الفتوى ان المستفتى فيه هى الفروع دون الاصول ، لكن الظاهر عدم المقابلة التامة بين التقليدين اذ لا يعتبر فى التقليد فى الفروع حصول الظن فيعمل المقلد مع كونه شاكا وهذا غير معقول فى اصول الدين التى يطلب فيها الاعتقاد حتى يجرى فيه الخلاف وكذا ليس المراد من كفاية التقليد هنا كفايته عن الواقع مخالفا كان فى الواقع او موافقا كما فى الفروع بل المراد كفاية التقليد فى الحق وسقوط النظر به عنه إلّا ان يكتفى فيها بمجرد التدين ظاهرا وان لم يعتقد لكنه بعيد.
ثم ان ظاهر كلام الحاجبى والعضدى اختصاص الخلاف بالمسائل العقلية وهو فى محله بناء على ما استظهرنا منهم من عدم حصول الجزم من التقليد لان الذى لا يفيد الجزم من التقليد انما هو فى العقليات المبتنية على الاستدلالات العقلية ، واما النقليات فالاعتماد فيها على قول المقلد بالفتح كالاعتماد على قول المخبر الذى قد يفيد الجزم بصدقه بواسطة القرائن وفى الحقيقة يخرج هذا عن التقليد وكيف كان فالاقوى كفاية الجزم الحاصل من التقليد لعدم الدليل منها على اعتبار الزائد على المعرفة والتصديق والاعتقاد وتقييدها بطريق خاص لا دليل عليه مع ان الانصاف ان النظر والاستدلال بالبراهين العقلية للشخص المتفطن لوجوب النظر فى الاصول لا يفيد بنفسه الجزم لكثرة الشبه الحادثة فى النفس والمدونة فى الكتب حتى انهم ذكروا شبها يصعب الجواب عنها للمحققين الصارفين لاعمارهم فى فن الكلام فكيف حال المشتغل به مقدارا من الزمان لاجل تصحيح عقائده ليشتغل بعد ذلك بامور معاشه ومعاده خصوصا والشيطان يغتنم الفرصة لالقاء الشبهات والتشكيك فى البديهيات وقد شاهدنا جماعة قد صرفوا اعمارهم ولم يحصلوا منها شيئا الا القليل.
المقام الثانى فى غير المتمكن من العلم والكلام فيه تارة فى تحقق موضوعه فى الخارج واخرى فى انه يجب عليه مع اليأس من العلم تحصيل الظن ام لا وثالثة فى حكمه الوضعى قبل الظن وبعده اما الاول فقد يقال فيه بعدم وجود العاجز نظرا الى