بان الاجتناب عن الحرام عنوان ينتزع من الادلة المتعلقة بالعناوين الواقعية فالاعتبار بها لا به كما لا يخفى.
والاقوى ان المخالفة القطعية فى جميع ذلك غير جائز ولا فرق عقلا وعرفا فى مخالفة نواهى الشارع بين العلم التفصيلى بخصوص ما خالفه وبين العلم الاجمالى بمخالفة احد النهيين ، ألا ترى انه لو ارتكب مائعا واحدا يعلم انه مال الغير او نجس لم يعذر لجهله التفصيلى بما خالفه فكذا حال من ارتكب النظر الى المرأة وشرب المائع فى المثال الاخير ، والحاصل ان النواهى الشرعية بعد الاطلاع عليها بمنزلة نهى واحد عن عدة امور فكما تقدم انه لا يجتمع نهى الشارع عن امر واقعى واحد كالخمر مع الاذن فى ارتكاب المائعين المردد بينهما الخمر فكذا لا يجتمع النهى عن عدة امور مع الاذن فى ارتكاب كلا الامرين المعلوم وجود احد تلك الامور فيهما.
واما الموافقة القطعية فالاقوى ايضا وجوبها لعدم جريان ادلة الحلية ولا ادلة البراءة عقليها ونقليها ، اما النقلية فلما تقدم من استوائها بالنسبة الى كل من المشتبهين وابقائهما (١) يوجب التنافى مع ادلة تحريم العناوين الواقعية وابقاء واحد على سبيل البدل غير جائز اذ بعد خروج كل منهما بالخصوص ليس الواحد لا بعينه فردا ثالثا يبقى تحت اصالة العموم ، واما العقل فلمنع استقلاله فى المقام بقبح مؤاخذة من ارتكب الحرام المردد بين الامرين بل الظاهر استقلال العقل فى المقام بعد عدم القبح المذكور بوجوب دفع الضرر اعنى العقاب المحتمل فى ارتكاب احدهما وبالجملة فالظاهر عدم التفكيك فى هذا المقام بين المخالفة القطعية والمخالفة الاحتمالية فاما ان يجوز الاولى واما ان يمنع الثانية.
الثانى ان وجوب الاجتناب عن كل من المشتبهين هل هو بمعنى لزوم الاحتراز عنه حذرا من الوقوع فى المؤاخذة بمصادفة ما ارتكبته للحرام الواقعى فلا مؤاخذة الا على تقدير الوقوع فى الحرام او هو بمعنى لزوم الاحتراز عنه من حيث انه
__________________
١ ـ يعنى تحت ما تقدم من الادلة (ق)