ومنشأ اختلاف بعض العلماء فى اجراء الاستصحاب فى هذه الموارد اختلاف انظارهم فى ملاحظة ذلك المستمر حادثا واحدا او حوادث متعددة ، والانصاف وضوح الوحدة فى بعض الموارد وعدمها فى بعض والتباس الامر فى ثالث والله الهادى الى سواء السبيل فتدبر.
واما القسم الثالث وهو ما كان مقيدا بالزمان فينبغى القطع بعدم جريان الاستصحاب فيه ووجهه ان الشيء المقيد بزمان خاص لا يعقل فيه البقاء لان البقاء وجود للموجود الاول فى الآن الثانى فالامر الوجودى المجعول ان لوحظ الزمان قيدا له او لمتعلقه بان لوحظ الجلوس المقيد بكونه الى الزوال شيئا والمقيد بكونه بعد الزوال شيئا آخر متعلقا للوجوب فلا مجال لاستصحاب الوجوب للقطع بارتفاع ما علم وجوده والشك فى حدوث ما عداه ولذا لا يجوز الاستصحاب فى مثل صم يوم الخميس اذا شك فى وجوب صوم يوم الجمعة ، نعم اذا لوحظ الزمان ظرفا لوجوب الجلوس فله مجال لانه اذا انقلب العدم الى الوجود المردد بين كونه فى قطعة خاصة من الزمان وكونه ازيد ، والمفروض تسليم حكم الشارع بان المتيقن فى زمان لا بد من ابقائه فيستصحب الوجوب (ح).
الامر الثالث ان المتيقن السابق اذا كان مما يستقل به العقل كحرمة الظلم وقبح التكليف بما لا يطاق ونحوهما من المحسنات والمقبحات العقلية فلا يجوز استصحابه (١) لان الاستصحاب ابقاء ما كان والحكم العقلى موضوعه معلوم
__________________
١ ـ حاصله انه يعتبر فى جريان الاستصحاب ان يكون الموضوع فى القضية المتقية سابقا معلوم البقاء فى الزمان الثانى وكان الشك متعلقا بمحموله ، وهذا الشرط غير متحقق فى الاحكام العقلية لان العقل انما يحكم على الموضوعات المعلومة بجميع قيودها ولا يعقل الاجمال فى موضوعه فاذا فرض الشك فى حكم العقل فلا يخلو اما ان يكون مع اجمال موضوعه بان حكم اولا على موضوع مجمل ثم انتفى ما يحتمل مدخليته فيه ، او مع الاشتباه فى مصداق موضوعه.