واما البراءة فان كان الشك الموجب للرجوع اليها من جهة الشبهة فى الموضوع فقد تقدم انها غير مشروطة بالفحص عن الدليل المزيل لها وان كان من جهة الشبهة فى الحكم الشرعى فالتحقيق ان ليس لها إلّا شرط واحد وهو الفحص عن الادلة الشرعية.
والكلام يقع تارة فى اصل الفحص واخرى فى مقداره اما وجوب اصل الفحص وحاصله عدم معذورية الجاهل المقصر فى التعلم فيدل عليه وجوه الاول الاجماع القطعى على عدم جواز العمل باصل البراءة قبل استفراغ الوسع فى الادلة ، الثانى الادلة الدالة على وجوب تحصيل العلم مثل آيتى النفر للتفقه وسؤال اهل الذكر والاخبار الدالة على وجوب تحصيل العلم وتحصيل التفقه والذم على ترك السؤال الثالث ما دل على مؤاخذة الجهال بفعل المعاصى المجهولة المستلزم لوجوب تحصيل العلم لحكم العقل بوجوب التحرز عن مضرة العقاب مثل قوله (ص) فيمن غسل مجدورا اصابته جنابة فكز فمات قتلوه قتلهم الله ألا سألوا ألا يمموه وقوله (ص) لمن اطال الجلوس فى بيت الخلاء لاستماع الغناء ما كان أسوأ حالك لو مت على هذه الحالة ثم امره بالتوبة وغسلها ، وما ورود فى تفسير قوله تعالى (فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ) من انه يقال للعبد يوم القيمة هل علمت فان قال نعم قيل فهل لا عملت وان قال لا قيل له هلا تعلمت حتى تعمل وما رواه القمى فى تفسير قوله تعالى (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) نزلت فيمن اعتزل عن امير المؤمنين عليهالسلام ولم يقاتل معه قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين فى الارض اى لم نعلم من الحق فقال الله تعالى (أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها) اى دين الله وكتابه واضحا متسعا فتنظروا فيه فترشدوا وتهتدوا به سبيل الحق.
الرابع ان العقل لا يعذر الجاهل القادر على الاستعلام فى المقام الذى نظيره فى العرفيات ما اذا ورد من يدعى الرسالة من المولى واتى بطومار يدعى ان الناظر فيه تطلع على صدق دعواه او كذبها فتامل (١) والنقل الدال على البراءة فى الشبهة الحكمية
__________________
١ ـ لعله اشارة الى ان المثال وإن كان من باب وجوب النظر الى معجزة من يدعى