ومن جملة الآيات قوله تعالى فى سورة البراءة فلو لا نفر من كل فرفة الآية دلت على وجوب الحذر عند انذار المنذر بن من دون اعتبار افادة خبرهم العلم لتواتر او قرينة فيثبت وجوب العمل بخبر الواحد اما وجوب الحذر فمن وجهين احدهما ان لفظة لعل بعد انسلاخها عن معنى الترجى ظاهرة فى كون مدخولها محبوبا للمتكلم واذا تحقق حسن الحذر ثبت وجوبه لان رجحان العمل بخبر الواحد مستلزم لوجوبه بالاجماع المركب لان كل من اجازه فقد اوجبه.
الثانى ان ظاهر الآية وجوب الانذار لوقوعه غاية للنفر الواجب بمقتضى كلمة لو لا فاذا وجب الانذار افاد وجوب الحذر لوجهين احدهما وقوعه غاية للواجب فان الغاية المترتبة على فعل الواجب مما لا يرضى الامر بانتفائه سواء كان من الافعال المتعلقة للتكليف ام لا كما فى قولك تب لعلك تفلح واسلم لعلك تدخل الجنة وقوله تعالى (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى) الثانى انه اذ اوجب الانذار ثبت وجوب القبول وإلّا لغى الانذار ونظير ذلك ما تمسك به فى ذلك على وجوب قبول قول المرأة وتصديقها فى العدة من قوله تعالى و (لا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَ) فاستدل بتحريم الكتمان ووجوب الاظهار عليهن على قبول قولهن بالنسبة الى ما فى الارحام.
فان قلت المراد بالنفر النفر الى الجهاد كما يظهر من صدر الآية وهو قوله تعالى (وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً) ومن المعلوم ان النفر الى الجهاد ليس للتفقه والانذار ، نعم ربما يترتبان عليه بناء على ما قيل من ان المراد حصول البصيرة فى الدين من مشاهدة (١) آيات الله وظهور اوليائه على اعدائه وساير ما يتفق فى حرب المسلمين مع الكفار من (١) آيات عظمة الله وحكمته فيخبروا بذلك عند رجوعهم الى الفرقة المتخلفة الباقية فى المدينة فالتفقه والانذار من قبيل الفائدة (١) لا الغاية حتى
__________________
١ ـ الفائدة ما تترتب على الشيء من دون ان يكون داعيا وباعثا للفاعل اليه ولذا تستعمل فى غير الافعال ايضا والغاية هو الغرض الداعى اليه فيختصّ بالافعال (ق)