بانا نقطع بانه لا يلزم من التعبد به محال ، وفى هذا التقرير نظر ، اذ القطع بعدم لزوم المحال فى الواقع موقوف على احاطة العقول لجميع الجهات المحسنة والمقبحة وعلمها بانتفائها وهو غير حاصل فيما نحن فيه فالاولى ان يقرر هكذا (١) انا لا نجد فى عقولنا بعد التأمل ما يوجب الاستحالة ، وهذا طريق يسلكه العقلاء فى الحكم بالامكان.
واجيب عن دليل ابن قبة تارة بالنقض بالامور الكثيرة الغير المفيدة للعلم كالفتوى والبينة واليد ، بل القطع ايضا ، لانه قد يكون جهلا مركبا ، واخرى بالحل بان يقال : انه ان اراد امتناع التعبد بالخبر فى المسألة التى انسد فيها باب العلم بالواقع فلا يعقل المنع عن العمل به فضلا عن امتناعه ، وان اراد الامتناع مع انفتاح باب العلم والتمكن منه فى مورد العمل بالخبر فنقول : ان التعبد بالخبر (ح) بل بكل امارة غير علمية يتصور على وجهين : الاول ان يكون ذلك من باب مجرد الكشف عن الواقع ، فلا يلاحظ فى التعبد بها الا الايصال الى الواقع ، فلا مصلحة فى سلوك هذا الطريق وراء مصلحة الواقع ، كما لو امر المولى عبده عند تحيره فى طريق بغداد بسؤال الاعراب عن الطريق غير ملاحظ فى ذلك الا كون قول الاعراب موصلا الى الواقع دائما او غالبا ، والامر بالعمل فى هذا القسم ليس إلّا للارشاد ، وهذا الوجه غير صحيح مع علم الشارع العالم بالغيب بعدم دوام موافقة هذه الامارة للواقع. الثانى
__________________
١ ـ لما كان ظاهر المشهور دعوى الامكان الواقعى وكان اثباته موقوفا على احاطة العقل بجميع الجهات المحسنة والمقبحة وانتفائها فى الواقع وكانت دعوى ذلك مصادمة للوجدان ، عدل ره عنه وقرره بما يفيد الامكان الظاهرى ، وحاصله ان التعبد بالظن لم تثبت استحالته اذ ليس فى العقل ما يستحيله ومع الشك فى امكان شىء وامتناعه يحكم بامكانه فى مرحلة الظاهر لبناء العقلاء عليه (م ق)