هذا حكم المفتى واما الحاكم والقاضى فالظاهر كما عن جماعة انه يتخير احدهما فيقضى به لان القضاء والحكم عمل له لا للغير فهو المخير ولما عن بعض من ان تخير المتخاصمين لا يرفع معه الخصومة ولو حكم على طبق احدى الامارتين فى واقعة فهل له الحكم على طبق الاخرى فى واقعة اخرى المحكى عن العلامة ره وغيره الجواز بل حكى نسبته الى المحققين لما عن النهاية من انه ليس فى العقل ما يدل على خلاف ذلك ولا يستبعد وقوعه كما لو تغير اجتهاده إلّا ان يدل دليل شرعى خارج على عدم جوازه كما روى ان النبى صلىاللهعليهوآلهوسلم قال لابى بكر لا تقض فى الشيء الواحد بحكمين مختلفين.
اقول يشكل الجواز لعدم الدليل عليه لان دليل التخيير ان كان الاخبار الدالة عليه فالظاهر انها مسوقة لبيان وظيفة المتحير فى ابتداء الامر فلا اطلاق فيها بالنسبة الى حال المتحير بعد الالتزام باحدهما واما العقل الحاكم بعدم جواز طرح كليهما فهو ساكت من هذه الجهة والاصل عدم حجية الآخر بعد الالتزام باحدهما كما تقرر فى دليل عدم جواز العدول عن فتوى مجتهد الى مثله ، نعم لو كان الحكم بالتخيير فى المقام من باب تزاحم الواجبين كان الاقوى استمراره لان المقتضى له فى السابق موجود بعينه بخلاف التخيير الظاهرى فى تعارض الطريقين فان احتمال تعيين ما التزمه قائم بخلاف التخيير الواقعى فتامل واستصحاب التخيير غير جار لان الثابت سابقا ثبوت الاختيار لمن لم يتخير فاثباته لمن اختار والتزم اثبات للحكم فى غير موضوعه الاول وبعض المعاصرين استجود كلام العلامة ره مع انه منع من العدول عن امارة الى اخرى وعن مجتهد الى آخر فتدبر.
ثم ان حكم التعادل فى الامارات المنصوبة فى غير الاحكام كما فى اقوال اهل اللغة واهل الرجال وجوب التوقف لان الظاهر اعتبارها من حيث الطريقية الى الواقع لا السببية المحضة وان لم يكن منوطا بالظن الفعلى وقد عرفت ان اللازم فى تعادل ما هو من هذا القبيل التوقف والرجوع الى ما يقتضيه الاصل فى ذلك