أبا عبد الله عليهالسلام يقول انتم افقه الناس اذا عرفتم معانى كلامنا (١) ان الكلمة لتنصرف على وجوه فلو شاء انسان لصرف كلامه كيف شاء ولا يكذب : وفى هاتين الروايتين الاخيرتين دلالة على وجوب الترجيح بحسب قوة الدلالة ، هذا ما وقفنا عليه من الاخبار الدالة على التراجيح.
اذا عرفت ما تلوناه عليك فلا يخفى عليك ان ظواهرها متعارضة فلا بد من التكلم فى علاج ذلك والكلام فى ذلك يقع فى مواضع.
الاول فى علاج تعارض مقبولة ابن حنظلة ومرفوعة زرارة حيث ان الاولى صريحة فى تقديم الترجيح بصفات الراوى على الترجيح بالشهرة والثانية بالعكس وهى وان كانت ضعيفة السند (٢) إلّا انها موافقة لسيرة العلماء فى باب الترجيح فان طريقتهم مستمرة على تقديم المشهور على الشاذ ، والمقبولة وان كانت مشهورة بين العلماء حتى سميت مقبولة إلّا ان عملهم على طبق المرفوعة وان كانت شاذة من حيث الرواية حيث لم يوجد مروية فى شيء من جوامع الاخبار المعروفة
__________________
١ ـ حاصل المراد ان الكلام قابل لان يراد به معانى مختلفة بعضها من ظاهره وبعضها من تأويله على اختلاف الموارد فلو شاء انسان صرف كلامه كيف شاء لجواز ارادة الحقيقة او المعانى المجازية ولا يكذب. وانتم افقه الناس : يعنى اذا ورد عليكم خبران متنافيان فى بادئ النظر فلا ينبغى ان تبادروا الى طرح احدهما بل لا بد ان يتامل فى دلالتهما والقرائن الخارجية ، فربما يظهر ان التنافى بادئ النظر ويرتفع بعد التامل وفيه حث على الجمع مهما امكن عرفا (ق)
٢ ـ حاصله ان لكل من المرفوعة والمقبولة جهة قوة وضعف اما الاولى فانها وان ضعفت سندا إلّا ان ضعفها منجبر بموافقتها سيرة العلماء ، واما الثانية فانها وإن كانت موهونة باعراض الاصحاب عنها من حيث تقديم الترجيح بصفات الراوى على الترجيح بالشهرة إلّا ان وهنها منجبر بتلقى الاصحاب لها بالقبول فاذا لا ترجيح بشىء منهما على الآخر حتى يؤخذ به ويطرح الآخر (ق)