الثانية انه اذا لم يكن مرجح فالحق التساقط دون التخيير لا لما ذكره بعض المعاصرين من ان الاصل فى تعارض الدليلين التساقط (١) لعدم تناول دليل حجيتهما لصورة التعارض لما تقرر فى باب التعارض من ان الاصل فى المتعارضين التخيير اذا كان اعتبارهما من باب التعبد لا من باب الطريقية بل لان العلم الاجمالى هنا بانتقاض احد اليقينين يوجب خروجهما عن مدلول لا تنقض لان قوله لا تنقض اليقين بالشك ولكن تنقضه بيقين مثله يدل على حرمة النقض بالشك ووجوب النقض باليقين فاذا فرض اليقين بارتفاع الحالة السابقة فى احد المستصحبين فلا يجوز ابقاء كل منهما تحت عموم حرمة النقض بالشك لانه مستلزم لطرح الحكم بنقض اليقين بمثله ولا ابقاء احدهما المعين لاشتراك الآخر معه فى مناط الدخول من غير مرجح واما احدهما المخير فليس من افراد العام اذ ليس فردا ثالثا غير الفردين المتشخصين فى الخارج فاذا خرجا لم يبق شيء وقد تقدم نظير ذلك فى الشبهة المحصورة وان قوله عليهالسلام كل شيء حلال حتى تعرف انه حرام لا يشمل شيئا من المشتبهين.
وربما يتوهم ان عموم دليل الاستصحاب نظير قوله اكرم العلماء وانقذ كل غريق واعمل بكل خبر فى انه اذا تعذر العمل بالعام فى فردين متنافيين لم يجز طرح كليهما بل لا بد من العمل بالممكن وهو احدهما تخييرا وطرح الآخر لان هذا غاية المقدور ولذا ذكرنا فى باب التعارض ان الاصل فى الدليلين
__________________
١ ـ حاصله ان مقتضى القاعدة بناء على السببية فى الامارات وكذا فى تعارض الاصول الشرعية هو التخيير لحدوث الحكم الشرعى فى كلا الطرفين فيكون من قبيل انقذ كل غريق اذا لم يقدر على انقاذ الجميع فيحكم العقل بالتخيير واما بناء على الطريقية فالطريقان الكاشفان بالطبع تسقطان عند المعارضة كما سيجىء ؛ وقوله بل لان العلم : يعنى عدم شمول الدليل لما نحن فيه من باب عدم المقتضى لا لوجود المانع والمزاحم فانه يلزم من شمول الدليل للمورد التناقض بين صدره وذيله (شرح)