ج : لو كانا في حكم الجنس الواحد واختلفا في التقدير كالحنطة المقدرة بالكيل والدقيق المقدر بالوزن ، احتمل تحريم البيع بالكيل أو بالوزن للاختلاف قدرا ، وتسويغه بالوزن.
______________________________________________________
عهده صلىاللهعليهوآلهوسلم مكيلان ، وكذا التمر والملح ، وقد وقع التعليل بكون الوزن أصلا للكيل ، ولم يبينوا مرادهم منه.
فإن أرادوا به : أن الكيل طارئ على الوزن فغير واضح ، لأن المفروض أن المكيل لم يكن موزونا.
وان أرادوا : أن الوزن أدل على المقدار فغير ظاهر أيضا ، لأنّ معيار مقدار المكيل إنما هو باعتبار حجمه ، لا باعتبار ثقله وخفته.
وإن أرادوا : أغلبيته في أكثر الأشياء ليكون الأصل هاهنا بمعنى الراجح فشرعا غير معلوم ، والعرف لا يرجع اليه فيما ثبت شرعا حكمه ، وقد سبق في باب السلف من هذا الكتاب تردد المصنف في جواز السلف في المكيل موزونا ، وبالعكس.
وعندي أنّ الاحتمال الأول لا يخلو من قوة ، وإن كان الاقتصار على ما اختاره في التذكرة (١) أقرب الى الاحتياط بالوقوف مع كلام الأكثر.
قوله : ( احتمل تحريم البيع بالكيل والوزن ، للاختلاف قدرا ).
أي : احتمل تحريم بيع نحو الحنطة والدقيق بعضا من أحدهما ببعض من الآخر ، إما كيلا فيهما ، أو وزنا فيهما ، لأن كل واحد من المعيارين يوجب اختلاف القدر بالنسبة إلى المعيار الآخر.
فان الحنطة أقل حجما لرزانتها وثقلها ، والدقيق بالعكس ، فلو بيعا وزنا تفاوتا كيلا ، أو كيلا تفاوتا وزنا مع ما عرفت من أنّ المكيل يحتمل أن لا يباع بالوزن أصلا ، فكيف بجنسه؟ وكذا العكس.
قوله : ( وتسويغه بالوزن ).
__________________
(١) التذكرة ١ : ٤٨٣.