المقصد الخامس : في لزوم البيع :
الأصل في البيع اللزوم ، وإنما يخرج عن أصله بأمرين : ثبوت خيار وظهور عيب ، فهنا فصلان :
______________________________________________________
علم التحريم ، أو مع جهل التحريم ، وهذا هو أصح القولين ، وليس في الآية دلالة على المسامحة في الزيادة مع الجهالة ، لأنّ المراد : فله ما سلف من الفعل المحرم.
فان قيل : ( ما ) للعموم فيشمل الزيادة؟ قلنا : العموم غير مراد ، وإلا لاقتضى ملك الزيادة مع العلم ، إذ لا تقييد في الآية (١) بالجهل ، وهو باطل إجماعا.
فإن قيل : الفرد المتفق عليه خارج من العموم الباقي على أصله.
قلت : السياق دال على أن المراد : فله ما سلف من الفعل ، إذ المنهي عنه إنما هو أكل الربا والبيع المشتمل عليه ، وليس لتلك الزيادة وردها ذكر في الآية ، ولظاهر قوله سبحانه ( فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ ) (٢).
قوله : ( الأصل في البيع اللزوم ).
أي : بناؤه على اللزوم لا على الجواز ، وإن كان قد يعرض لبعض افراده الجواز ، أو أن الأرجح فيه ذلك ، نظرا الى أن أكثر أفراده على اللزوم.
قوله : ( ثبوت خيار ، وظهور عيب ).
ظهور العيب أيضا مقتض للخيار ، فكان حقه الاستغناء به ، إلا أن يقال : أن ثبوت الخيار لا بسبب نقصان في نفس العين وصفاتها قسم برأسه ، وبسببه قسم آخر ، أو أن مباحث العيوب لسعتها حقيقة بأفراد فصل لها ، فلأجل ذلك جعل العيب قسما. برأسه.
وهذا هو الملحوظ له والمطابق لفعله ، فإنه في أقسام الخيار ، قال : ( السابع :خيار العيب ) وسيأتي.
__________________
(١) البقرة : ٢٧٥.
(٢) البقرة : ٢٧٩.