ويجوز حلّ السحر بشيء من القرآن أو الذكر أو الأقسام ، لا بشيء منه.
______________________________________________________
قولهم : لا تأثير للسحر.
والأول أوجه ، لأن تأثر الإنسان بالسحر غير موقوف على أنّ له حقيقة موجودة في الواقع ، لأن الأمور المخيلة ربما أثّرت بتوسط الوهم ، فان فعل الوهم أمر مقطوع به.
والحق : عدم القطع بأن له حقيقة أو لا حقيقة له ، والدلائل التي ذكروها من الجانبين لا دلالة فيها ، فان قوله تعالى ( يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى ) (١) دال على ثبوت السحر ، وتخيل السعي لا على تخيل حقيقة السحر ، ومع ذلك فهذا لا يدل على أن جميع أفراد السحر ، إنما يحصل بها التخيل ، وقوله تعالى ( وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاّ بِإِذْنِ اللهِ ) (٢) لا دلالة فيه أيضا ، لأن المراد من الإذن ليس هو الترخيص قطعا ، إذ لا معنى له في هذا المقام ، بل المراد منه : العلم والاطلاع ، كما يتبادر إلى الفهم ، ولا يضر كونه مجازا مع القرينة ، ومع ذلك فلا يدل على أنه لا حقيقة له ، وبناء الفقهاء [ في ] (٣) ثبوت القصاص على أنّ للسحر حقيقة غير ظاهر ، لجواز حدوث شيء في بدن الإنسان بسبب التخيل بتوسط الوهم ، فما قرّبه المصنف غير واضح.
ولا استبعاد في أن يكون لبعض أفراده حقيقة ووجود ، فانّا نرى عقد الشخص عن زوجته يمنعه من وطئها منعا ظاهرا ، وحينئذ فلو قتل إنسانا بسحره مقرّا بذلك قتلناه به ، إذ لا أقل من أن يكون ذلك بتسبّبه إلى فعل الوهم فيه ذلك.
قوله : ( ويجوز حل السحر ... ).
الأقسام : بفتح الهمزة جمع قسم ، ولا تمتنع قراءته بكسرها ، على أنه
__________________
(١) طه : ٦٦.
(٢) البقرة : ١٠٢.
(٣) لم ترد في « م » ووردت في الحجري وأثبتناها للسياق.