والشعبذة حرام ، وهي : الحركات السريعة جدا ، بحيث يخفى على الحسّ الفرق بين الشيء وشبهه ، لسرعة انتقاله من الشيء إلى شبهه.
______________________________________________________
المعين سببا لوجود ذلك ، إنما يرجع المنجمون فيه الى مشاهدتهم وجود مثله عند وجود مثلهما ، وذلك لا يوجب العلم بسببيتهما له ، لجواز وجود أمور أخرى لها مدخل في سببيّته لم تحصل الإحاطة بها ، فإنّ القوة البشرية لا سبيل لها إلى ضبطها ، ولهذا كان كذب المنجمين وخطؤهم أكثريّا. وقد ورد من صاحب الشرع النهي عن تعلم النجوم بأبلغ وجوهه ، حتى قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : « إياكم وتعلم النجوم إلا ما يهتدى به في بحر أو بر ، فإنها تدعو إلى الكهانة ، [ و ] (١) المنجم كالكاهن ، والكاهن كالساحر ، والساحر كالكافر ، والكافر في النار » (٢).
إذا تقرر ذلك فاعلم : أن التنجيم ـ مع اعتقاد أنّ للنجوم تأثيرا في الموجودات السفلية ولو على جهة المدخلية ـ حرام ، وكذا تعلّم النجوم على هذا الوجه ، بل هذا الاعتقاد كفر في نفسه ، نعوذ بالله منه.
أما التنجيم لا على هذا الوجه مع التحرز من الكذب فإنه جائز ، فقد ثبت كراهية التزوج وسفر الحج والقمر في العقرب ، وذلك من هذا القبيل. نعم هو مكروه ، لأنه ينجرّ إلى الاعتقاد الفاسد ، وقد ورد النهي عنه مطلقا حسما للمادة ، وتحريم الأجرة وعدمه تابع للفعل.
وحكى في الدروس عن بعض الأصحاب القول بتحريمه ، لما فيه من التعرض للمحظور ، ولأن أحكامه [ تخمينية ] (٣) لا تخلو من الكذب ، وأما علم الهيئة فلا كراهة فيه ، بل ربما كان مستحبا ، لما فيه من الاطّلاع على عظم قدرة الله تعالى ، ولا يحرم الرّمل إذا لم يقطع فيه بالمطابقة ، لأن ذلك غير مقطوع به ، فلا
__________________
(١) الواو لم ترد في « م » والحجري ، وأثبتناها من نهج البلاغة ، وهو الصحيح.
(٢) نهج البلاغة ـ تحقيق صبحي الصالح ـ : ١٠٥ خطبة ٧٩ ، وفيه : « إياكم وتعلم النجوم الا ما يهتدى به في بر أو بحر ، فإنها تدعو إلى الكهانة. ».
(٣) في « م » : تخيلية ، وما أثبتناه من الدروس ، وهو الأصح.