______________________________________________________
والمعنى حينئذ : إعارة المسلم للكافر عند المسلم (١).
ولا يخفى ما في ذلك من التعسّف ، وارتكاب حذف لا يدلّ عليه دليل ، واختلاف مرجع الضمير بغير مائز ، بل ضمير ( عنده ) لا مرجع له حينئذ أصلا ، ومع ذلك فالسبيل موجود ، لاستحقاقه الانتفاع بالمسلم على ذلك التقدير ، وهو سبيل. وأيضا فالجمع لا يحصل ، لأن ما في العارية ظاهره المنع مطلقا.
ولو أنه حمل العبارة : على إعارة المسلم عند الكافر ـ فيكون مرجع الضميرين هو الكافر ، ويكون دليل إرادة كون العارية للمسلم العدول من ( له ) إلى ( عنده ) ـ لكان أولى مما تكلّفه ، نظرا إلى حصول الجمع ، واتفاق مرجع الضمير ، والسلامة من كثرة الحذف ، ومحافظة على النكتة في تعبير ( له ) إلى ( عنده ) من الإعارة له ، أي : للعبد الكافر ، فإنه جائز قطعا ، لكن مرجع هذا في الحقيقة إلى الوديعة عند الكافر.
وفي بعض حواشي الشهيد : أنه احترز بقوله : ( عنده ) من الإعارة له ، أي : للعبد الكافر ، فإنه جائز قطعا ، وأراد بذلك : أنه لو قال ( له ) لاحتمل معنيين :عارية العبد المسلم للكافر ، فيكون الضمير عائدا إلى الكافر المعار للعبد ، والآخر العارية للعبد ولو لكافر ، فيكون ضمير له للكافر الذي هو العبد المعار ، فلمّا قال : ( عنده ) تعين المعنى الأول وامتنع الثاني. وإنما احترز عنه ، لأنه مقطوع بجوازه ، فلا يجوز كونه في حيّز الأقرب.
وزعم أنّ فيه فائدة أخرى ، وهي : العدول عن تكرار الضمير بلفظه. وليس بشيء ، لأن لفظ الضمير لم يختلف ، وإنما اختلف لفظ الأداة ، وما ذكره يرد مثله في الإبداع.
__________________
(١) قال العاملي في المفتاح ٤ : ١٧٩ : قال الشهيد في حواشيه : قيل : المراد بالإعارة أن يعير المسلم عبده الذمي ويوضع على يد مسلم ، والهاء في ( عنده ) تعود الى الكافر ، وقيل : الى المسلم ولا يدل عليه السياق ، وفيه جمع بينه وبين ما ذكره في العارية من منع عاريته. انتهى.