وفي ترجيح دعوى المسلم أو الحر على دعوى الكافر أو العبد نظر. ولو انفردت دعوى البنوة حكم بها من غير بينة ، حرا كان المدعي للبنوة أو عبدا ، مسلما أو كافرا ، ولا يحكم برقه ولا كفره إذا وجد في دارنا إلا مع بينة البنوة.
______________________________________________________
قوله : ( وفي ترجيح دعوى المسلم أو الحر على الكافر أو العبد نظر ).
ينشأ : من عموم الأدلة الدالة على جواز ادعاء النسب لكل منهم ، ومن قوة جانب المسلم والحر ، إذ الأصل في اللقيط الإسلام والحرية ، والظاهر عدم الترجيح ، سواء كان الالتقاط في دار الإسلام أو في دار الكفر.
قوله : ( ولا يحكم برقه ولا كفره إذا وجد في دارنا ، إلا مع بينة البنوة ).
إذا شهدت البينة ببنوته لكافر فوجهان ، أحدهم : الثبوت ، لأن تبعية الدار ضعيفة. والثاني : العدم ، لأن بنوته للكافر لا تنافي إسلامه ، لإمكان إسلام أمه أو جدّه على القول بتبعيته.
وفي هذا الحكم عندي تفصيل : فإن القائل بذلك (١) إن أراد أنه إذا علمت أمومة الكافر له بالبينة أيضا ، وكذا علم كفر أجداده كذلك يكون كافرا ـ لضعف الإسلام بتبعية الدار ـ فهو صحيح لا مرية فيه ، وإن كان مراده ثبوت كفره وإن لم يثبت ذلك فليس بجيد ، لأن إسلامه الثابت بتبعية الدار لا ينافيه كفر أبيه ، فلا ينتفي ما ثبت بمجرد الاحتمال.
وكذا القول في الرقية إذا ادّعاه رقيق وأقام بذلك بينة ، أما لو لم يقم بواحد من الأمرين بينة فهو على إسلامه وحريته وإن أثبتنا النسب على الأصح
__________________
(١) أي : ثبوت كفره مع البينة.