ولو قطع حر يده تقابلا أيضا ، لكن الأقرب هنا القصاص ، لأن العدول إلى القيمة مشكوك فيه أيضا ، بخلاف التعزير المعدول إليه فإنه متيقن ،
______________________________________________________
هذا رجوع إلى أصل الباب ، أي لو قذف اللّقيط قاذف وادّعى رقه وادعى هو الحرية ، ثبت التعزير لتساقط الأصلين ، فيرجع إلى المتيقّن ، وهذا أحد القولين ، والآخر ثبوت الحدّ.
والتقابل الذي ادعاه غير واضح ، فإن أصل براءة الذّمة قد تحقق الانتقال عنه باشتغالها بعقوبة قذف من حكم بحريته وجرت أحكام الأحرار عليه ، وهو الأصح.
قوله : ( ولو قطع حر يده تقابلا أيضا ، لكن الأقرب هنا القصاص ، لأن العدول إلى القيمة مشكوك فيه أيضا ، بخلاف التعزير المعدول إليه ، فإنه متيقّن ).
أي : لو قطع حرّ يد اللّقيط المحكوم بحريته تقابل الأصلان هنا أيضا ، لكن الأقرب هنا ثبوت القصاص.
لا يقال الحكمان متنافيان ، لأنّ تقابل الأصلين في المسألة الاولى والثانية قائم فالحكم بالتعزير هناك لاحتمال الرقية ، وبالقصاص هنا الذي لا يثبت إلاّ على تقدير الحرية مما لا يجتمعان ، لأنّا نقول :
المانع من أخذ الدّية في الثانية قائم ، لأنّه إنّما يثبت على تقدير الرقية ، وهي مشكوك فيها ، والعدول من مشكوك فيه إلى مشكوك فيه باطل ، فتعين الأخذ بما دلّ عليه المرجّح ، وهو أصالة الحريّة ، بخلاف التعزير ، فإنّه ثابت على كل من تقديري الحريّة والرقية ، والمشكوك ـ وهو الزّائد ـ يسقط ويؤتى بالمعلوم ، وإلى هذا الجواب أشار بقوله ( لأنّ العدول إلى القيمة مشكوك فيه أيضا ... ).
ويشكل ما ذكره من الفرق ، فانّ التعزير غير واجب على تقدير الحريّة ، بل الواجب قدره في ضمن الحدّ ، والتعزير هو ذلك القدر المخصوص دون ما زاد ، فالعدول إليه أيضا عدول إلى مشكوك فيه ، ثم انّه ينتقض بما ذكره سابقا في الجناية