______________________________________________________
إن نوى الأخذ لنفسه فهو الملتقط حقيقة ، وإن نوى أخذها للآمر ، فهل يقع الأخذ له؟ فيه إشكال ، ينشأ : من أن المقتضي لتملك المباحات هو الحيازة ، والحائز هو الآخذ ، فيكون الاستحقاق له ، ولا يخرج بأخذها للآمر عن كونه مستحقا ، كما لا يخرج المالك عن كونه مالكا بقصد كون الملك للغير ، ولتعليق أحكام الالتقاط في النصوص (١) على الآخذ ، فيكون التملك مختصا بالآخذ.
ومن أن الملك لم يحصل بعد ، فإذا نوى الآخذ عن غيره كانت اليد لذلك الغير ، فيكون هو الآخذ ، فيكون الملك له.
وتحرير البحث يتم بتحقيق أن الالتقاط وحيازة المباحات هل تقبل النيابة أم لا؟ ويبنى ذلك على أن تملك المباحات هل يشترط فيه مع الحيازة النية ـ وهي القصد إلى التملك ـ أم يثبت بمجرد حيازتها؟ يحتمل الأول ، لأنه لولاه لملك الصائد الدرة في جوف السمكة مع الجهل بها ، وهو باطل.
وفيه نظر ، لأن المانع أن يمنع صدق الحيازة هنا ، لأن المحوز هو السمكة وما في بطنها لا يعد محوزا شرعا ولا عرفا ولا لغة (٢) ، كما لو أخذ النائم الشيء ، : فعلى هذا يقال : لا بد من قصد الحيازة ، أما قصد التملك فلا يشترط.
وينبغي أن يقال : لا بد من أن لا يقصد بالأخذ عدم التملك ، فلو حول حجرا أو شجرا ـ مثلا ـ مباحا في الطريق من جانب إلى آخر ، قاصدا بذلك تخيله الطريق ونحو ذلك ، فدخوله في ملكه بمجرد هذا مستبعد جدا. ومثله ما
__________________
(١) الفقيه ٣ : ١٨٦ باب اللقطة والضالة ، التهذيب ٦ : ٣٨٩ باب اللقطة والضالة.
(٢) قال السيد العاملي :. وما في مقامين من جامع المقاصد من منع صدق الحيازة هنا لان المحوز هو السمكة وما في بطنها لا يعد محوزا شرعا ولا عرفا ولا لغة. ففي محل اللغة فتأمل. مفتاح الكرامة ٦ : ١٤٧. وراجع أيضا : الصحاح ( حوز ) ٣ : ٨٧٥.