______________________________________________________
فوجب الحكم ببراءته ، وإلا لم يكن الواجب منحصرا فيما ذكر ، هذا خلف.
ومثله ما إذا وهب المالك ( ماله ) (١) هبة غير لازمة.
والذي يكشف عن وجه المسألة أن الواجب على الغاصب تسليم العين الى المالك تسليما تنقطع به سلطنة الغاصب عن العين بالكلية ، بحيث يصير المالك في سعة من التصرف وعدمه ، وتكون يده يد مالك وتصرفه تصرف مالك.
فمتى كان تسليم العين اليه على وجه يعتقد أن يده يد متفرعة على يد غيره ، وأن الغير بصدد أن يرجع الى العين فيأخذها ، وأنه يجب عليه بالطلب تسليمها اليه ، وأن تصرفه فيها مقصور على الاذن بسبب عنه بمجرد الإباحة فالذي يقتضيه النظر أنه لا يكون تسليما تاما ولا تتحقق البراءة به ، فحينئذ تكون العهدة على الغاصب الى أن يحصل التسليم الواجب المبرئ للذمة ، فإن تلفت العين أو أتلفها المالك بإذن من الغاصب فالتغرير قائم فيتجه الرجوع على الغاصب.
ومثله الهبة التي يجوز الرجوع فيها ، لانتفاء التسليم التام بالمعنى الذي ذكرناه عنها. ويشكل على هذا ما سبق من أن الدين إذا أدّاه المديون لا يشترط للبراءة أن يعلم به المالك ، بل يجوز أن يكون في صورة الهدية ، ولا يكاد يتحقق الفرق بين المديون والغاصب في ذلك.
ولو باع الغاصب المالك فليس ببعيد أن يقال : إن ما ساوى الثمن من القيمة لا يرجع به ، لأنه مضمون ، وما زاد محل التردد ـ كما هنا ـ نظرا الى التردد في صدق التسليم التام وعدمه. أما لو أقرضه المالك فليس ببعيد زوال الضمان ، لصدق التسليم التام حينئذ.
__________________
(١) لم ترد في « م ».