______________________________________________________
فإذا قال : داري لفلان لم يمتنع أن يكون المراد به : الدار التي هي بحسب الظاهر لي ملك لفلان في نفس الأمر ، وليس في ذلك تناقض ولا تناف ، إلاّ أن يقال : إنّ المتبادر من قوله : داري الدار التي هي لي بحسب الواقع ، وهذا أظهر في قوله : ملكي لفلان ، ولا يضرّ ذلك ، لأنّه إن سلّم كونه متبادرا فشيوع الآخر في الاستعمال أمر واضح.
وأعلم أنّ الشيخ رحمهالله قال : إذا قال له : في ميراثي من أبي ألف درهم كان هبة لا إقرارا ، لأنّه أضاف إلى نفسه (١) ، وتبعه ابن إدريس (٢) ، وكذا لو قال : داري هذه لفلان لم يكن إقرارا ، قال ابن إدريس : لأنّه يكون مناقضة ، وكيف يكون داره لفلان في حال ما هي له؟ قالا : ولو قال في ذلك : بأمر حق واجب كان إقرارا صحيحا ، لأنّه يجوز أن يكون له حق وجعل داره في مقابلة ذلك الحق.
وذهب المصنف في المختلف إلى التسوية بينهما وصحة الإقرار فيهما ، لأنّ الإضافة إلى الشيء يكفي فيها أدنى ملابسة كقوله تعالى ( لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ ) (٣) ، وكقول أحد حاملي الخشبة : خذ طرفك ، ولأنّ الإضافة قد تكون للملك وقد تكون للتخصيص ، ولمّا امتنع الحمل على الأول لإسناد الملك المصرح به باللام الى غيره فيحمل على الثاني ، لوجود القرينة الصارفة للفظ عن أحد محامله الى غيره ، ولا يحكم ببطلان الثاني المصرّح به للاحتمال في الأول (٤).
هذا محصّل كلام المختلف ، ولا ريب أنّ الإضافة بأدنى ملابسة مجاز إلا أنّه لا يضر ذلك ، لأنّه استعمال شائع مشهور والتناقض الذي فرّ منه الشيخ وابن إدريس
__________________
(١) المبسوط ٣ : ٢١.
(٢) السرائر : ٢٨٢.
(٣) الطلاق : ١.
(٤) المختلف : ٤٤٠.