فإن أقر للآخر غرم للثاني إلاّ أن يصدّقه الأول. وهل له إحلاف الأول؟ إشكال ،
______________________________________________________
وقال المصنف في التذكرة في نظير هذه المسألة : إنّه بعد تعيين المالك منهما لو قال الآخر : أحلفوه إنّه ليس لي ، فإن قلنا : إنّه لو عاد فأقر للآخر لم يغرم له لم يحلفه ، لأنّه إذا نكل لم يلزمه شيء. وإن قلنا : يغرم عرضنا عليه اليمين ، فإن حلف سقطت الدعوى ، وإن نكل حلف المدعي وغرم (١).
أقول : إنّ هذا البناء غير كاف في الحكم الذي ذكره ، بل لا بد مع ذلك من اعتبار كون اليمين المردودة كالإقرار ، إذ لو قلنا إنّها كالبينة لاتجه إحلافه ، لإمكان نكوله فيحلف المدعي ويغرم له.
قوله : ( فإن أقر للآخر غرم للثاني إلاّ أن يصدّقه الأول ).
لأنه حال بين الثاني والمقر به بإقراره للأول فكان عليه الغرم كما سيأتي إن شاء الله تعالى ، نعم لو صدّقه الأول دفعت الى الثاني ولا غرم.
قوله : ( وهل له إحلاف الأول؟ إشكال ).
أي : هل للمقر إحلاف المقر له الأول إنّها ليست للثاني؟ فيه إشكال ينشأ : من أنّه مكذّب لنفسه في دعواه أنّها للثاني بإقراره بها للأول فلا تسمع دعواه ، ولأنّه لو نكل امتنع الرد إذ لا يحلف لإثبات مال غيره ، وكذا القضاء بنكوله.
ومن عموم قوله عليهالسلام : « واليمين على من أنكر » (٢) ، ولأنّه يدفع بها الغرم عن نفسه فليست لحق الغير بل لدفع الغرم ، ولأنه لو أقر لنفع إقراره ، وكل من أقر لنفع إقراره يحلف مع الإنكار ، والثاني قوي.
وإكذاب نفسه مدفوع إذا ذكر تأويلا وادعى أمرا ممكنا في العادة كالغلط والنسيان ، وعلى هذا فيحلّفه على نفي العلم بالغلط لا على البت ، فإنّه ربّما لم يعلم أنّه
__________________
(١) التذكرة ٢ : ١٦٢.
(٢) الكافي ٧ : ٤١٥ حديث ، سنن البيهقي ١٠ : ٢٥٢.