أو غصبته من زيد لا بل من عمرو ، أو غصبته من زيد وغصبه زيد من عمرو ،
______________________________________________________
ذلك ، ولأنّ الإقرار بالغصب إقرار باليد للمغصوب منه وهي تقتضي الملك ، فيكون مقرا لكل منهما بما يقتضي الملك. ولأنّ الإقرار بالغصب إما أن يقتضي الإقرار بالملك أولا ، فإن لم يقتضه لم يجب الدفع في صورة النزاع الى زيد ، لعدم دليل يدل على كونه مالكا ، وإن اقتضاه وجب الغرم لعمرو لاستواء الإقرار بالنسبة إليهما.
فإن قيل : نختار الشق الثاني من الترديد ، ووجوب الدفع الى زيد لثبوت استحقاقه اليد بغير معارض ، أمّا الإقرار لعمرو بذلك فإنّه غير نافذ بالنسبة إلى الغير لاستحقاق زيد إياها لسبق الإقرار له ، ولا بالنسبة إلى القيمة لانتفاء دلالة الغصب منه على كونه مالكا ، والأصل براءة الذمّة.
قلنا : الإقرار بالغصب إقرار باليد وهي ظاهرة في الملك ، ولهذا يجوز أن يستند الشاهدان في الشهادة بالملك الى اليد كما سيأتي في موضعه إن شاء الله تعالى فيجري مجرى ما لو أقر بالملك لأحدهما ثم للآخر ، وفيه قوة. وأعلم أنّه قد احتمل بعضهم كون الإشكال في المسألة الأولى أيضا ، لأنّ الإقرار الثاني إقرار بملك الغير فلا ينفذ.
قوله : ( أو غصبته من زيد لا بل من عمرو ، أو غصبته من زيد وغصبه زيد من عمرو ).
سوق العبارة يشعر بأنّ الاشكال إنّما هو في المسألة السابقة دون ما بعدها ، فلا يكون عنده في هاتين المسألتين وما بعدهما إشكال ، وإن كان الاحتمال بحسب الواقع قائما ، ووجه الغرم يعلم ممّا سبق في المسألة السابقة.
ووجه الترجيح هنا إنّه لمّا نفى الغصب من زيد المقر به بقوله : لا كان رجوعا عن الإقرار إلى الإنكار فلم يكن مسموعا ، فصح الإقرار الأول ووجب أن ينفذ الثاني ويجب الغرم ، لأنّه قد حصر الغصب واليد في عمرو المقتضي للملكية فوجب الغرم ، للحيلولة بإقراره لزيد الذي رجع عنه.