ومنها : الأخبار الآمرة بطرح ما خالف الكتاب ، وأنّها زخرف واضربوه على الجدار ممّا قد سبق بعضها (١).
والتقريب في هذه الأخبار بالنسبة إلى الأخبار المخالفة للكتاب ظاهر ، وأمّا بالنسبة إلى غيرها ، فلا يتمّ إلاّ بدعوى أنّ الكتاب الكريم ولو على نحو العموم إنّما اشتمل على جميع الأحكام كقوله : ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ )(٢) وقوله : ( خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً )(٣) و ( لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ ما آتاها )(٤) إلى غير ذلك من العمومات المشتملة على جلّ الأحكام أو كلّها ؛ إذ ليس المراد من المخالفة خصوص التباين ، وإلاّ لم يبق للأخبار المزبورة مورد ، فلا يناسب كثرة ورودها والتأكيدات الأكيدة الواقعة فيها والتشديدات (٥) الشديدة الموجودة فيها.
والجواب عنه هو أنّ بعد العلم الإجمالي بأنّ هذه العمومات الكتابية والمطلقات القرآنية مخصّصة بمخصّصات كثيرة في أخبار الآحاد ، ومقيّدة بمقيّدات عديدة فيها لا يعلم مخالفة الكتاب لها ، على أنّ التحقيق عدم منافاة المقيّد للمطلق ؛ لعدم كونه مجازا ، فالأخبار المزبورة لا تنهض على إبطال العمل بالأخبار من حيث إنّها أخبار.
مضافا إلى استلزامها لزوم ردّ ما يخالف كتاب الله ولو علمنا بصدوره عن أهل العصمة الطاهرة عليهمالسلام ولو بالسماع منهم ، فكيف بما إذا تواتر.
والقول بتخصيص هذه الأخبار بغيره يخالفه ما هو المستفاد من سياقها فكأنّها كالقواعد العقلية الآبية عن التخصيص ، فهي إذا أخبار متشابهة لا ملزم لنا في تأويلها ، وأقرب المحامل على تقدير التأويل هو حملها على الروايات الواردة في أصول الدين المخالفة للكتاب والسنّة كالأخبار الدالّة على الجبر والتفويض والقضاء والقدر
__________________
(١) سبق في ص ٨٢ ـ ٨٣.
(٢) المائدة : ١.
(٣) البقرة : ٢٩.
(٤) الطلاق : ٧.
(٥) « ش » : التسديدات.