لا يخفى.
والحاصل : لا شكّ بعد التأمّل في أخبار الباب في حرمة الاستناد إلى القياس مطلقا ، ولا شكّ أيضا أنّ الترجيح بالقياس استناد إليه في الأحكام الشرعية ؛ إذ الأصل لو كان في الطرف المخالف له يستند حقيقة إليه ، وكذلك طرح (١) الخبر المخالف له بعد وجوب الأخذ به مستند (٢) إليه ، والحكم في المسألة الفرعية المدلول (٣) عليه بالخبر الموافق له مستند إليه لأنّه جزء الدليل ، والحكم في المسألة الأصولية ـ وهو وجوب الأخذ بالموافق ـ مستند إليه ، فالحكم بوجوب صلاة الجمعة تعيّنا إنّما هو منه ، وذلك ظاهر ، وإنّما الإشكال فيما لو أحدث القياس الظنّ في غيره كما تخيّله بعضهم ، فنقول : إنّ إحداث الوصف في الغير يتصوّر :
تارة بأن لا يكون مفيدا للظنّ مطلقا ، وإنّما اقترانه بالغير يوجب ذلك كما في القرينة ، فإنّ قولنا : « يرمي » يوجب حصول الظنّ بإرادة الرجل من الأسد من غير أن يكون القرينة مفيدة للظنّ بإرادة هذا المعنى من هذا اللفظ.
وأخرى يتصوّر بأنّ الغير والمنضمّ إليه كلاهما (٤) مفيدان للظنّ بوجه يحصل من اجتماعهما مرتبة أخرى من الظنّ ، أو (٥) يحصل العلم كما هو المتداول في تحصيل المتواترات.
ولا يخفى أنّ حصول المرتبة الشديدة من الظنّ ، أو العلم إنّما هو من أحكام نفس الظنّ من غير أن يكون لحيثية كشفه عن الواقع دخل في حصول العلم ، فلا كلام في حجّية العلم الحاصل من الظنون القياسية.
ومرّة يتصوّر على وجه يستند الظنّ حقيقة إلى المنضمّ إليه من غير أن يكون الغير مفيدا للظنّ ، ولا شكّ أنّ القياس ليس من قبيل القسم الأوّل في مقام الترجيح ولا من
__________________
(١) « ل » : ـ طرح.
(٢) « ل » : مستندا.
(٣) « ل » : المدلولة.
(٤) كذا. والصحيح : كليهما. أو كلاهما مفيد.
(٥) « ل » : « أن » بدل : « أو ».