والسرّ في ذلك أنّه ربّما يحصل العلم بالفردية أو الحكم الشرعي في المقامين ولا يترتّب على هذا العلم أحكام بعد الغاية وذلك ظاهر ، فلو حملنا الرواية على الأعمّ من الشبهة الحكمية أو الموضوعية ، فإن (١) حملنا المعرفة المعتبرة في الغاية على الأعمّ من معرفة الموضوع ومعرفة الحكم ، يلزم أن يكون معرفة الموضوع غاية لحلّية المشتبه الحكمي ومعرفة الحكم غاية لحلّية المشتبه الموضوعي وبطلانه ظاهر ، وإن حملناها على المعنيين استقلالا من غير ملاحظة الجامع بينهما ، يلزم استعمال اللفظ في أكثر من المعنى الواحد لا من حيث إنّ سبب المعرفة في الحكم هو الدليل الشرعي ، وفي الموضوع الأمارات الشرعية كالبيّنة على ما توهّمه (٢) بعضهم بل للجهة (٣) المذكورة ، وهل ذلك إلاّ مثل أن يقال : اغتسل للجمعة والجنابة مريدا في الأوّل الاستحباب ، وفي الثاني الوجوب مع عدم ما يدلّ على التوزيع بينهما ، فظهر أن لا وجه لحمل الرواية على الأعمّ ولو بالنظر إلى الوجه الثاني أيضا.
لا يقال : بعد عدم إمكان الجمع بينهما فليحمل الرواية على الشبهة الحكمية.
لأنّا نقول أوّلا : فليحملها على الشبهة الموضوعية.
وثانيا : أنّ رواية صدقة (٤) الواردة في بيان الموضوع قطعا لاشتمال صدرها وذيلها على الموضوع كما يرشدك قوله عليهالسلام فيها : « سأخبرك عن الجبن وغيره » قريبة عن هذا بل لا يوجد بينهما اختلاف إلاّ فيما لا مدخل له في ذلك ، والأخبار يكشف بعضها عن بعض ، فيصير قرينة على إرادة الموضوع منها.
وثالثا : إنّ صدر الرواية ينافي حملها على الحكمية فإنّ قوله : « يكون فيه حلال
__________________
(١) « س » : فلو. « م » : ولو.
(٢) « م » : توهّم.
(٣) « س » : من الجهة.
(٤) كذا في النسخ وتقدّمت رواية مسعدة بن صدقة في الصفحة السابقة ، والصواب : رواية عبد الله بن سليمان التي أورد قطعة منها في السطر الآتي وهي في الوسائل ٢٥ : ١١٧ ـ ١١٨ ، باب ٦١ من أبواب الأطعمة المباحة ، ح ١. وسيأتي بتمامه في ص ٥٨٩.