خفاء وغموض.
وبالجملة ، فلا قبح في العقول أن يجعل الشارع قول العدل طريقا إلى الواقع عند اشتباه الخمر بالخلّ على ما نبّهنا عليه في نظير المقام في الشبهة الوجوبية ، ولا منافاة بين أدلّة الواقع وبين ما به يصير إليه (١) طريقا بل يؤكّده لما عرفت من أنّها طريق إليه ومفادها واقع لكن جعلا على وجه يكون امتثال الواقع فيه ، ولا يكون مسقطا عنه كما في البدلية.
فاتّضح أنّه على تقدير جعل الطريق لا تعارض بين أدلّة الواقع وبين ما يدلّ على طريقية الطرق الظاهرية ، فلا يصير موردا للمعارضة.
وإن كان المراد بعدم العقاب العفو ولو كان مستحقّا أيضا ، ففيه أوّلا : أنّ أحدا لم يحم حول هذه المقالة بعد الغضّ (٢) عن عدم دلالة الرواية عليه.
وثانيا : أنّ المقصود حقيقة هو إثبات استحقاق المرتكب للشبهة المحصورة ، وما علينا بيان فعلية العقاب فإنّه بيده يفعل ما يشاء ، ويحكم ما يريد ، فلعلّ العفو مستند (٣) إلى رحمته الواسعة ، وقد مرّ أنّ الاستناد إلى الرواية وأشباهها في الحكم بالإباحة ـ على (٤) تقدير التسليم ـ ممّا لا يجدي للقائل بعدم وجوب الموافقة القطعية لعدم دلالتها على جواز ارتكاب أحدها كما هو المقصود في المقام ؛ إذ بعد عدم اعتبار الفرد المعيّن لاستلزامهما الترجيح بلا مرجّح وعدم ملاحظة المجموع نظرا إلى خلاف الفرض لا يعقل دخول الفرد الانتزاعي واعتباره في العامّ الدالّ على الإباحة ؛ لخروج منشأ الانتزاع عنه كما لا يخفى بل لك أن تقول : إنّ هذه قاعدة سارية في غير المقام أيضا هي أنّه كلّما خرج عن العامّ بعض أبعاضه (٥) الشخصية لا وجه للقول بأنّ الأمر المنتزع منها
__________________
(١) « م » : النسبة.
(٢) « س » : النصّ وفي « م » كتب أوّلا : « الغضّ » ثمّ شطب عليها وكتب : « النصّ ».
(٣) « م » : مستندا!
(٤) « ج » : وعلى.
(٥) « ج » : الخاصّة.