وجلس على أثوابنا فحصل بذلك مشقة عظيمة فبينما نحن على تلك الحالة وإذا بالشيخ قد أقبل وصاح على الأسد فهرب وهو يبصبص بذنبه ثم قال ألم أقل لك لا تتعرض لأضيافى؟ فخرجنا من الماء ولبسنا أثوابنا واستغفرنا الله تعالى مما وقع منا فقال لنا الشيخ أنتم يا فقهاء اشتغلتم بتقويم الظاهر فخفتم من الأسد ، واشتغلنا بتقويم الباطن فخافنا الأسد.
وقال بعض أصحابه : لم يكن لى علم بقطع يده إلى أن تهجمت عليه وسألته عن سبب قطع يده فقال يد جنت فقطعت فظننت أنه كان له صبوة فى ابتدائه كقطع طريق وغيره ثم اجتمعت به بعد ذلك بمدة مع جماعة من الشيوخ فتذا كروا مواهب الله تعالى لأوليائه وأكثروا من كرامة الله تعالى لهم إلى أن ذكروا طى المسافات وغيرها من الكرامات فقال الشيخ عند ذلك تكثرون من هذا الكلام أنا أعرف عبدا لله تعالى حبشيا كان جالسا فى جامع طرابلس ورأسه فى جيب مرقعته فخطر له طيبة والبيت الحرام فأخرج رأسه من مرقعته فإذا هو بالحرم ثم أمسك عن الكلام فلم يشك أحد من الجماعة أن الشيخ يعنى نفسه ثم قام واحد من الجماعة فقال يا سيدى ما كان سبب قطع يدك؟ فقال يد جنت فقطعت ، فقالوا قد سمعنا هذا منك مرارا أخبرنا كيف كان السبب ، قال أنتم تعلمون أنى رجل من أهل المغرب فوقعت فى مطالبة السفر فسرت حتى بلغت الاسكندرية فأقمت بها اثنتى عشرة سنة وكان فى الناس خير ثم سرت منها إلى أن صرت بين الشطا (١)
__________________
(١) وهذه يقال لها شطا ظاهر مدينة دمياط بن اليهاموك محافظها فى عهد المقوقس قيرس فى أيام الفتح الاسلامى لمصر وقد جاء به المسلمون واستولوا على المدينة فأسلم بعد كفر ومات ، له مزار مشهور بسيدى شطا.