بيضاء وخضرا بين السماء والأرض يصلون معنا ، ثم بعد انقضاء الصلاة جاء طير منهم أخضر عظيم الخلقة قد هبط عند رجليه وابتلعه وارتفع إلى الطيور وطاروا جميعا ولهم ضجيج بالتسبيح إلى أن غابوا عنا فقال الرجل الذى صلى معى على الشيخ يا عمر : أما سمعت أن أرواح الشهداء فى أجواف طيور خضر تسرح فى الجنة حيث شاءت؟ وهؤلاء شهداء السيوف.
وأما شهداء المحبة فأجسادهم وأرواحهم فى جوف طيور خضر وهذا الرجل منهم ، وأنا أيضا كنت منهم ، وإنما وقعت منى هفوة فطردت عنهم ، فأنا أصفع قفاى فى الأسواق ندما وأدبا على تلك الهفوة ، قال ثم ارتفع الرجل إلى الجبل إلى أن غاب عن عينى وقال لى يا ولدى إنما حكيت لك هذه الحكاية لأرغبك فى سلوك طريق القوم.
وتوفى الشيخ شرف الدين بن الفارض رحمه الله تعالى بالجامع الأزهر بقاعة الخطابة فى الثانى من جمادى الأولى سنة اثنتين وثلاثين وستمائة ودفن بالقرافة بسفح المقطم عند مجرى السيل تحت المسجد المعروف بالعارض.
وكان مولده بالقاهره فى الرابع من ذى القعدة الحرام سنة سبع وسبعين وخمسمائة وصار قبر الشيخ بغير حاجز عليه مدة طويلة ، فلما كان فى أيام السلطان أينال العلائى الملقب بالأشرف انتدب رجل من الأتراك يقال له تمر الإبراهيمى عتيق السلطان الأشرف برسباى لزيارته هو وابنه برقوق الناصرى عتيق السلطان الظاهرى جقمق العلائى وجماعة من جهتهم وصارا يعملان الأوقاف عنده ويطعمان الطعام ويتصدقان على الفقراء عنده ثم فى سنة نيف وستين وثمانمائة وقف السيفى تمر على الشيخ