والاستصحاب على تقدير تسليم اقتضائه بقاء النجاسة هنا فمقتضاه النافع لثمرة النزاع نجاسة الملاقي بالملاقاة . وهو حسن إن خلا عن المعارض بالمثل ، وليس ، كيف لا ؟ ! والأصل أيضاً بقاء طهارة الملاقي ، ولا وجه لترجيح الأول عليه بل هو به أولى ، كيف لا ؟ ! والأصل طهارة الأشياء المسلّم بين العلماء ودلّت عليه أخبارنا ، ففي بعضها : « كل شيء طاهر حتى تعلم أنه قذر » (١) ولا علم هنا بعد تعارض الاستصحابين وتساقطهما من البين ، فلا مخصِّص للأصالة المزبورة هنا . فتأمل جداً .
ولولا في المسألة من الأدلة سواها لكفانا الأخذ بها ، وما أحوجنا شيء إلى الاشتغال بغيرها .
ومنها يظهر وجه تعميم الطهارة لكل ما وقع فيه الخلاف من نجاسة وأمكنة ، مضافاً إلى عموم بعض المعتبرة المتقدمة ، وإن اختلف الأصحاب فيه بالإِضافة إلى الأمرين إلى أقوال متعددة وآراء متكثرة ، لكنها كملاً ـ عدا ما وافق التعميم ـ في الضعف مشتركة .
وأضعف منها القول ببقاء النجاسة وثبوت العفو عنها في الصلاة عليها مع اليبوسة خاصة ، كما مرّت الإِشارة إلى حكايته عن جماعة (٢) .
نعم : هنا رواية صحيحة ربما أوهمت المصير إلى ما عليه هؤلاء الجماعة ، وفيها : عن الأرض والسطح يصيبه البول أو ما أشبهه هل تطهّره الشمس من غير ماء ؟ قال : « كيف يطهَّر من غير ماء » (٣) .
وهي مع وحدتها قاصرة عن المقاومة لما مرّ من الأدلة ، ومع هذا محتملة لمحامل قريبة لا مندوحة عنها في الجمع بين الأدلة ولو كانت في التقدير بعيدة ، وأقربها الحمل على التقية ، لموافقتها مذهب جماعة من العامة كما حكاه بعض
___________________
(١) التهذيب ١ : ٢٨٤ / ٨٣٢ ، الوسائل ٣ : ٤٦٧ أبواب النجاسات ب ٣٧ ح ٤ ، وانظر المستدرك ٢ : ٥٨٣ أبواب النجاسات ب ٣٠ ح ٤ .
(٢) راجع ص ١٢٨ .
(٣) التهذيب ١ : ٢٧٣ / ٨٠٥ ، الاستبصار ١ : ١٩٣ / ٦٧٨ ، الوسائل ٣ : ٤٥٣ أبواب النجاسات ب ٢٩ ح ٧ .