والتعارض بينهما وإن كان عموماً من وجه لا بدّ من ترجيح أحدهما عليه ، إلّا أن المرجح من الأصل وغيره مع الثاني ، مع قوة عمومه ، واعتضاده بفحوى الصحيح : « وقع ثوبه على كلب ميت ، قال : ينضحه ويصلّي فيه ، ولا بأس به » (١) .
وبه وبالسابق يستدل على عدم تعدي نجاسة الميتة غير الآدمي مع اليبوسة ، مضافاً إلى عموم الصحيح الناشئ عن ترك الاستفصال : « وقع ثوبه على حمار ميت ، قال : ليس عليه غسله ، وليصلّ فيه ، ولا بأس » (٢) .
وأمّا ما ورد من الأمر بغسل ما لاقى الثعلب وغيره من السباع حياً أو ميتاً (٣) فهو محمول على الاستحباب قطعاً ؛ إذ لم يقل أحد بثبوت الحكم المذكور مع الحياة أيضاً جدّاً .
فالقول بتعدي النجاسة مع اليبوسة هنا وفي السابق ـ كما عن الروض والمعالم والعلّامة (٤) ـ محل مناقشة . كالقول بعدم تعدي نجاستها مطلقاً مع وجوب غسل الملاقي لها خاصة تعبداً كما عن الحلّي . وعبارته المحكية لا تساعد الحكاية (٥) . وعلى تقدير الصحة فهو ضعيف جدّاً ؛ للإِجماع ظاهراً على نجاسة ملاقي الملاقي للميتة رطباً .
ثم إن مقتضى إطلاق النص وكلام الأصحاب النجاسة بمجرّد الموت
___________________
(١) التهذيب ١ : ٢٧٧ / ٨١٥ ، الاستبصار ١ : ١٩٢ / ٦٧٤ ، الوسائل ٣ : ٤٤٢ أبواب النجاسات ب ٢٦ ح ٧ .
(٢) التهذيب ١ : ٢٧٦ / ٨١٣ ، الاستبصار ١ : ١٩٢ / ٦٧٢ ، الوسائل ٣ : ٤٤٢ أبواب النجاسات ب ٢٦ ح ٥ .
(٣) الكافي ٣ : ٦٠ / ٤ ، التهذيب ١ : ٢٦٢ / ٧٦٣ ، الوسائل ٣ : ٤٦٢ أبواب النجاسات ب ٣٤ ح ٣ .
(٤) روض الجنان : ١٦٨ ، معالم الفقه : ٢٧٨ ، العلامة في نهاية الإِحكام ١ : ٢٨٠ .
(٥) انظر السرائر ١ : ١٦٣ .