وكيف كان : فلا ريب أن الانفصال أحوط وإن كان في تعيّنه نظر ؛ لإِطلاق الأمر بالصب ، ولتصريح النبوي المتقدم بكفاية النضح والرشّ الذي قد لا يتحقق معه الانفصال ، والسند وإن ضعف إلّا أنه كما مرّ بالشهرة بل وظاهر حكاية الإِجماع المتقدمة منجبر .
( ويكفي إزالة عين النجاسة وإن بقي اللون ) والرائحة على الأظهر الأشهر بين الطائفة ، بل عن المعتبر عليه إجماع العلماء كافة (١) ، وهو الحجّة فيه كالنصوص المستفيضة ، منها الحسن : قلت له : للاستنجاء حدّ ؟ قال : « لا ، حتى ينقى ما ثمّة » قلت : فإنه ينقى ما ثمّة ويبقى الريح ، قال : « الريح لا ينظر إليها » (٢) .
وقصوره عن إفادة تمام المدّعى بالإِجماع المركب بل البسيط مجبور . وبه يجبر قصور باقي النصوص سنداً ودلالةً من حيث القصور عن إفادة تمام المطلوب ، فعنه صلّى الله عليه وآله في الدم : « لا يضرك أثره » (٣) .
وعن مولانا الرضا عليه السلام : عن الرجل يطأ في الحمّام وفي رجله الشقاق ، فيطأ البول والنورة فيدخل الشقاق أثر أسود ممّا وطئ من القذر وقد غسله ، كيف يصنع به وبرجله الذي وطئ بها ، أيجزيه الغسل أم يخلّل أظفاره بأظفاره ؟ ويستنجي فيجد الريح من أظفاره ولا يرى شيئاً ، فقال عليه السلام : « لا شيء عليه من الريح والشقاق بعد غسله » (٤) .
وفي الخبرين في دم الحيض الذي لم يذهب أثره : « اصبغيه بمَشق » (٥) .
والأمر للاستحباب عند كافة الأصحاب لا لإِزالة الأثر ، كيف لا وهي
___________________
(١) المعتبر ١ : ٤٣٦ .
(٢) الكافي ٣ : ١٧ / ٩ ، التهذيب ١ : ٢٨ / ٧٥ ، الوسائل ٣ : ٤٣٩ أبواب النجاسات ب ٢٥ ح ٢ .
(٣) راجع سنن أبي داود ١ : ١٠٠ / ٣٦٥ ، سنن البيهقي ٢ : ٤٠٨ .
(٤) الفقيه ١ : ٤٢ / ١٦٥ ، الوسائل ٣ : ٤٤٠ أبواب النجاسات ب ٢٥ ح ٦ .
(٥) الكافي ٣ : ٥٩ / ٦ ، التهذيب ١ : ٢٧٢ / ٨٠٠ ، الوسائل ٣ : ٤٣٩ أبواب النجاسات ب ٢٥ ح ١ .
والخبر الثاني : التهذيب ١ : ٢٥٧ / ٧٤٦ ، الوسائل ٣ : ٤٤٠ أبواب النجاسات ب ٢٥ ح ٤ . المَشْق والمِشْق : المَغْرة وهو صبغ أحمر . لسان العرب ١٠ : ٣٤٥ .