بعد اتفاق الكلّ على أن فرض النائي رعاية العلامات المقررة ، والتوجّه إلى السمت الذي عيّنته رعاية تلك العلامة ، فالأولى إناطة تعريفها بذلك ، كما ذكره بعض الأجلّة (١) .
( ولو صلّى في وسطها ) حيث جازت له الصلاة فيه ( استقبل أيّ جدرانها شاء ) مخيّراً بينها ، وإن كان الأفضل استقبال الركن الذي فيه الحجر ، على ما ذكره الصدوق (٢) . بلا خلاف في أصل الحكم على الظاهر ، المصرح به في بعض العبائر (٣) ، بل في المنتهى أنه قول كل أهل العلم (٤) .
وهو الحجّة ، لا ما ذكروه من حصول استقبال القبلة بناءً على أنها ليست مجموع البَنيّة ، بل نفس العرصة وكل جزءٍ من أجزائها ، إذ لا يمكن محاذاة المصلّي بإزائها منه إلّا قدر بدنه والباقي خارج عن مقابلته ، وهذا المعنى يتحقق مع الصلاة فيها كما يتحقق مع الصلاة في خارجها .
لقوة احتمال تطرّق الوهن إليه بأن الثابت من الأدلّة كون جملة البَنيّة قبلة ، وأمّا كون أيّ بعضٍ منها قبلة فلم يثبت ، لاختصاص ما دلّ على أن الكعبة قبلة ـ بحكم التبادر ـ بكون القبلة جملتها ، والمراد بها القطر والقدر الذي يحاذي المصلي من قطر الكعبة ومجموعها ، والمصلّي داخلها لم يحصل له هذا ، فتأمّل (٥) .
___________________
(١) انظر المدارك ٣ : ١٢١ .
(٢) الفقيه ١ : ١٧٨ .
(٣) انظر المعتبر ٢ : ٦٧ ، والحدائق ٦ : ٣٨١ .
(٤) المنتهى ١ : ٢١٨ .
(٥)
ووجهه هو أنّ الاتفاق على جواز النافلة فيها اختياراً كاشف عن كون القبلة ما ذكروه
، بناءً على أنّ الإِجماع على عدم جواز النافلة إلى غير القبلة اختياراً من غير استثناء ، وكذا
جواز الفريضة إلى ركن من أركان الكعبة بحيث يتجرَّد عن أصل ويتوجّه إلى جزء من الركن بمقدار ما
يحاذي بدن المصلّي . ويعضده أيضاً ما سيأتي من دعوى اتفاق المتأخرين على جواز التطوع على
=