وأما الشيخ في النهاية فعبارته فيها صريحة في النجاسة (١) وإن أتى بعدها بما ربما ينافيها (٢) . لكنها مؤوّلة بتأويلات غير بعيدة تركن النفس إليها بعد إرادة الجمع بينه وبين العبارة الصريحة في النجاسة .
وعلى تقدير مخالفة هؤلاء المذكورين لا يمكن القدح في الإِجماعات المستفيضة المحكية بخروجهم ألبتة ، كما مرّ غير مرّة .
وحيث قد عرفت انحصار أدلة نجاسة الكفّار في الإِجماع وفحوى الأخبار المزبورة ظهر لك وجه قوّة القول بطهارة من عدا الخوارج والغلاة والنواصب من فرق المسلمين ـ إلّا أن ينكر ضرورياً من الدين علىٰ وجه يلحق بالكافرين ـ سواء كان جاحد النص أو غيره . وهو المشهور بين الأصحاب .
لأصالة الطهارة وعموماتها . مع عدم جريان شيء من الدليلين المخرجين عنهما هنا ؛ لفقد الإِجماع في محل النزاع سيّما مع شهرة الطهارة ، وعدم الأولوية ، إذ ليسوا ـ لشرف الإِسلام ـ أمرّ من أهل الذمة .
هذا ، مع لزوم الحرج على تقدير النجاسة ، والإِجماع على عدم احتراز الأئمة عليهم السلام والأصحاب عنهم في شيء من الأزمنة على حدّ يظهر عدم كونه من جهة التقية .
مضافاً إلى النصوص المستفيضة بل المتواترة الحاكمة بحلّ ما يوجد في أسواق المسلمين والطهارة (٣) ، مع القطع بندرة الإِمامية في جميع الأزمنة سيّما في أزمنة صدور تلك النصوص ، وأنه لا ينعقد لخصوصهم سوق يكون الأحكام المزبورة واردة عليه ، فهو من أقوى الأدلة على طهارة هؤلاء الكفرة وإن كانوا في المعنى أنجس من الكلاب الممطورة .
___________________
(١) النهاية : ٥٨٩ .
(٢) قال : ويكره أن يدعو الإِنسان أحداً من الكفار إلى طعامه ، فيأكل معه . فإن دعاه فليأمره بغسل يديه ، ثم يأكل معه إن شاء .
(٣) الوسائل ٣ : ٤٩٠ أبواب النجاسات ب ٥٠ .