القبلة ، ولكن فيه ما عرفته (١) .
فإذاً : العمدة هي النصوص المعمول عليها بين الطائفة ، مضافاً إلى حكاية الإِجماع المتقدمة ، وإن لم يصلح للحجيّة ؛ لوهنه بندرة القول به من حيث دلالته على الوجوب ، ولم نر قائلاً به عدا الناقل ونادر . وكيف كان فهو أحوط من الترك ؛ لضعف القول به بضعف دليله عن المقاومة لما دلّ على رجحان التياسر من الإِجماع المنقول والنص المعمول به .
وأمّا ما ربما يجاب عنه : بوروده مورد التقية ؛ لكون المحاريب المشهورة المبنية في العراق في زمان خلفاء الجور ولا سيّما المسجد الأعظم كانت مبنيّةً على التيامن عن القبلة ، ولم يمكنهم إظهار خطأ هؤلاء الفسقة ، فأمروا شيعتهم بالتياسر عن تلك المحاريب ، معلّلين بما عرفته من العلة ، لئلّا يشتهر منهم عليهم السلام الحكم بخطأ من مضى من هؤلاء الكفرة (٢) .
فغير مفهوم للعبد ، فإن مراعاة التقية على تقدير ثبوت بناء المساجد على التيامن تقتضي أمر الشيعة بمتابعة قبلة هؤلاء الفجرة ؛ كي لا يعرفوا فيقتلوا ، لا أن يأمروا بالمخالفة لهم فيؤخذ برقابهم .
واعلم أنّ مقتضى الْاُصول والنصوص وفتوىً الأصحاب من غير خلاف معروف : وجوب تحصيل العلم بالقبلة عيناً أو جهة مع الإِمكان ، ولو بالأمارات المتقدمة المستندة إلى القواعد الرياضية ، بناءً على إفادتها العلم بالجهة ، كما صرّح به جماعة ، كالفاضلين في المعتبر والمنتهى على ما حكي عنهما (٣) ، والشهيدين في روض الجنان والذكرى (٤) ، وإن كان يظهر من بعضهم إفادتها
___________________
(١) راجع ص : ٢٦٢ .
(٢) انظر البحار ٨١ : ٥٣ .
(٣) المعتبر ٢ : ٧٠ ، المنتهى ١ : ٢١٩ .
(٤) روض الجنان : ١٩٤ ، الذكرى : ١٦٢ .