جهتها ؛ فإن لكل مصلٍّ جهة ، والكعبة لا تكون في الجهات كلها . ولا كذلك التوجّه إلى الحرم ؛ لأنه طويل يمكن أن يكون كل واحد متوجّهاً إلى جزء منه (١) .
وهو كما ترى صريح في نفي الجهة وتعيّن استقبال عين الحرم خاصة ، فلا يقبل الجمع المتقدم إليه الإِشارة .
( و ) لكن ( فيه ضعف ) لا يخفى وجهه ، لاتّفاق الفريقين ـ كما ذكره جماعة (٢) ـ على أن فرض النائي هو التعويل على الأمارات المتفق عليها بينهم لأهل كلّ إقليم ، وعليه فلا ثمرة لهذا الاختلاف ، إلّا بالنسبة إلى الثمرة الْاُولى ، وقد عرفت ارتفاع الخلاف فيها أيضاً .
ولو سلّم وجوده لمُنع كل ما في الخلاف من الدليل :
فالنصوص بما مرّ .
والإِجماع المحكي بالمعارضة بما يحكى من ابني زهرة وشهرآشوب (٣) من نفي الخلاف عن وجوب استقبال جهة المسجد لمن نأى عنه ، كما هو ظاهر الآية . ولو سلّم فغايته أنه خبر صحيح لا يعارض ما قدّمناه من الأدلّة .
وأما الاعتبار فبما ذكره جماعة : من أنا نعني بالجهة السمت الذي فيه الكعبة لا نفس البَنِيّة (٤) ، وذلك متّسع يمكن أن يوازي جهة كلّ مصلٍّ ، على أن الإِلزام في الكعبة لازم في الحرم وإن كان طويلاً .
واعلم أن للأصحاب اختلافاً كثيراً في تعريف الجهة ، لكنه قليل الفائدة
___________________
(١) الخلاف ١ : ٢٩٥ .
(٢) منهم صاحبا المدارك ٣ : ١٢١ ، والحدائق ٦ : ٣٧٥ .
(٣) ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٦ ، حكاه عن ابن شهرآشوب في كشف اللثام ١ : ١٧٣ .
(٤) منهم المحقق في المعتبر ٢ : ٦٦ ، الشهيد الثاني في روض الجنان : ١٩٠ ، صاحب المدارك ٣ : ١٢١ .