أقول : ويرشد إلى هذا التوجيه الخبر : كتبت إليه في وقت صلاة الليل ، فكتب : « عند الزوال ـ وهو نصفه ـ أفضل ، فإن فات فأوّله وآخره جائز » (١) لتضمنه التوقيت بالزوال بعد السؤال عن أصل وقت صلاة الليل مع لفظة « فات » الصريحة (٢) في التوقيت . ومع ذلك صرّح بالأفضليّة الظاهرة في اشتراك ما قبل الانتصاف لما بعده في فضيلة الوقت ، لكن ما ذكرنا أصرح دلالةً على التوقيت منها على الاشتراك فيها فلتحمل عليه ، فتأمّل .
فما يقال من احتمال حمل أخبار التنصيف على الفضيلة ، والموثقين وما بعدهما على كون الليل بتمامه وقتاً ، ضعيف غايته ، سيّما مع مخالفته الإِجماع على الظاهر ، المصرّح به فيما مرّ من عبائر الجماعة حدّ الاستفاضة .
( وكلّما قرب من الفجر كان أفضل ) بلا خلاف أجده ، بل عليه في الكتب المتقدمة والناصريات إجماع الإِماميّة (٣) ؛ وهو الحجّة .
مضافاً إلى المعتبرة المستفيضة ، منها الصحيح : سمعته عليه السلام يقول ـ في قول الله عزّ وجلّ : ( وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) (٤) ـ : في الوتر في آخر الليل سبعين مرّة » (٥) والسحر ما قبل الفجر على ما نصّ عليه أهل اللغة (٦) .
والصحيح : عن ساعات الوتر ، فقال : « أحبّها إليّ الفجر الأوّل » وعن أفضل ساعات الليل ، قال : « الثلث الباقي » (٧) .
___________________
(١) التهذيب ٢ : ٣٣٧ / ١٣٩٢ ، الوسائل ٤ : ٢٥٣ أبواب المواقيت ب ٤٤ ح ١٣ .
(٢) في « ح » و « ل » : الصريحين .
(٣) الخلاف ١ : ٥٣٣ ، السرائر ١ : ١٩٦ ، المعتبر ٢ : ٥٤ ، الناصريّات ( الجوامع الفقهيّة ) : ٢٣٠ .
(٤) الذاريات : ١٨ .
(٥) التهذيب ٢ : ١٣٠ / ٤٩٨ ، الوسائل ٦ : ٢٨٠ أبواب القنوت ب ١٠ ح ٧ .
(٦) انظر الصحاح ٢ : ٦٧٨ ، والقاموس المحيط ٢ : ٤٦ ، ومجمع البحرين ٣ : ٣٢٥ ، ولسان العرب ٤ : ٣٥٠ . وفي جميعها : السحر : قُبَيل الصبح .
(٧) التهذيب ٢ : ٣٣٩ / ١٤٠١ ، الوسائل ٤ : ٢٧٢ أبواب المواقيت ب ٥٤ ح ٤ .